لربما ضجيج الأفكار في رؤوسهم كان أقوى من مذياع السائق، حتى أن أحدا لم يطلب منه خفض الصوت، ومثل نشرة الأخبار الصباحية المترددة من كل الثقوب كعادتها كان في رأسي حديث يقول: "أنا ابنة وطن، يحتضن جسدي جزءا منه وتبحث روحي عن وجهه اللآخر، من غزة أطلقت صرخة الحياة، فتحت عيني وحملقت بالسقف الغريب فوقي، وجلت ببصري نحو المعلقين حولي كما لم يفعل الصغار.".
فكوا وثاقنا ولا تستعبدوا حريات ولدنا بها، لا تزرعوا خوفاً في أرواحنا، فنحن هنا نعض على كل قيد عرفناه مذ نزعنا من أرحام أمهاتنا. |
كبرت فيها، وقعت مع الأيام مواثيق أحلام لم أعهدها بعد، حصارهم لها عن معنى كلمة حياة أصبح كفيلا أن يقتل أهلها بصمت وإلا احتاجوا لأن يدقوا أعناقهم بالرصاص وكل ما كتب عليه محرم دوليا، إرهابيون إذا ما أشرعوا النصال في وجه مستوطني أرضهم وتاريخهم، ميتون في نظر الذئاب المستحكمين لقيود هذا العالم، وهم أحرار فوق السماء وتحتها وفي قلب الشمس نورهم غارق، ينتزع ستائر الظلام عن كل بقعة أرض.
أيها العالم: خذ بصرخاتنا ولا تضع أمامها الجدران، كي نموت بصداها المنبلج بصمتك. |
أيها العالم: خذ بصرخاتنا ولا تضع أمامها الجدران كي نموت بصداها المنبلج بصمتك، وأنت لا تتقن سوى صنع الأكفان وتغسيل الموتى والقلق الزائف المتصدر في أعلى جرائدك المشهورة، ألق بالا لذلك المغتصب لما قسّم أرضنا وخلق بيننا الجدران، حرمنا حدود بلادنا وما وراءها من أن تدوسها أعيننا وتلمسها أرواحنا، صرنا نعلق صور الحرية على صدورنا ونزين أطرافها بشريط أسود، أصبحنا نخشى إغلاق النوافذ وقفل الأبواب كي لا يذكرنا ذلك بما سُلبنا، وسنبقى نصرخ ونهيج ونموت لأجلها حتى تشق جنحاننا هواءها وتمتلئ دماءنا بعبيرها.
أفتح عيني الآن نحو الواقع وأنا سائرة من بينهم نحو قاعات المحاضرات وصوت أغنية موطني يرفرف من بطن المكبرات يردد:
مَوْطِني!
موْطِني!
اْلجَلالُ وَالْجَمالُ وَالسَّناءُ وَالبَهاءُ
في رُباكْ
وَالحياةُ وَالنّجاةُ وَالهَناءُ وَالرَّجاءُ
في هواكْ
هلْ أراك سالماً مُنَعَّماً وغانماً مُكَرَّمـاً
هَلْ أراك في عُــلاكْ تَبْلُــغُ السِّماكْ
مَوْطِني!
مَوْطِني!
الشَّبابُ لَنْ يَكِلَّ ، هَمُّهُ أَنْ تَسْتَقِلَّ أَو يَبيدْ ،
نَسْتَقي مِنَ الرَّدى وَلَنْ نَكونَ للْعدِا كَالعَبيدْ ،
لا نُريدُ ذُلَّنا المُؤبّدا وَعيشـَنا المُنكَّـــدا ،
لا نُـريدُ بَلْ نُعيــدْ ، مَجْــدَنا التّليــدْ .
مَوْطِني
مَوْطِني
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.