شعار قسم مدونات

أقف للحجاب أي أقف للحرية

blogs - woman

كمحجبة ومسلمة أولا أحمل في فؤادي قضية تزداد عظمتها في كل ثانية تنطق كلمة حجاب في أي حوار ونقاش أو تكتب في أي نص ليراه العالم، في اللحظة التي قررت أن ألتزم بما أمرني به الله بإرتدائي الحجاب أصبحت أنا والكثير من أخواتي المسلمات محور مواضيع جدلية كثيرة، وأول هذه المواضيع هو بحثهم المزعوم عن حريتنا نحن المحجبات وكأن حقوقنا قد اغتصبت بالحجاب الذي اخترناه!

لا أعلم لماذا ينظر لنا مُدَّعي " التحرر " و" الباحثين عن حقوق الإنسان " كأننا مجرد عنوانين تترأس اجتماعاتهم وتزين لائحات الاعتراض الخاصة بهم، نظرات شفقة وكأنهم يتقمصون شخصية " البطل المغاور " الذي سينتشلنا من أقصى الزوايا ظلمة في السجن الوهمي الذي اختلقوه وألصقوه بفرض الحجاب.

بينما هم يغوصون في أعماق ترهاتهم وتنديداتهم الفارغة بالحرية للمحجبات، نقف نحن صاحبات الشأن بقوة ونقول ( عندما اخترنا الحجاب اخترنا حريتنا )، فعن أي حرية يتحدثون عندما يخوضون فيما لا يعنيهم ؟ أهي الحرية التي يزعمون تتمثل بالعري وجعل أجسادنا فرجة لأعين البشر فقط ؟ لماذا لا تستوعب عقولهم أن رغبتنا الملحة لإيجاد الحرية وتملكها هي التي دفعتنا لإتخاذ هذا القرار الشجاع، قرار محاربة التيار السائد وإجهاض أفكارهم السامة بتحقيق أمر رب العباد واضعين إرضاؤه نصب أعيننا وليس إرضاء مجتمعات لن نجد منها أحدا يَوم نُسأل عن حريتنا وماذا فعلنا بها، يوم الحساب العظيم.

لا تجعلي الناس يرون حجابا على رأسك فقط، بل اجعليهم يرونك من خلال حجاب يكشف عن عقل عُجن بشريعة وعقيدة فذة سليمة.

بالإضافة لهذا كله، فإن الحجاب ليس مجرد فرض نتبعه بغية كسب الأجر والثواب فحسب، بل هو وسيلة لجعل الحرية ممكنة وحقيقة ملموسة للمرأة، فهو يمنحها استقلالها الذاتي أي لا أحد يملك الحق بتعدي الخطوط الحمراء التي وضعتها لنفسها ولهم، كما أنها تبعث لمن حولها رسائل مستمرة قائلة ( ما يهم هو ما يخفيه ويحمله عقلي وليس ما تبحثون عنه في مظهري وجسدي)، عندما تقف المرأة للحجاب فهي تقف لحقها بامتلاك حريتها الخاصة، وأولئك من يسمون أنفسهم بالباحثين عن حقوق المرأة بنزعهم حجابها، بشكل أو بآخر هم ينتزعون حرية المرأة من بين يديها وفي عُقر مملكتها الخاصة.

اخترت حجابي بكامل إرادتي وبلا أي تدخلات من أي أحد، اخترته لأني رأيت فيه القوة التي أتمناها، القوة التي ستعينني على إثبات نفسي في هذا العالم لما بداخلي ولا شيء آخر، اخترت الحجاب لأني وجدته طريقة واضحة ومباشرة لتمثيل الدين الذي كرمني ومنحني حقوقي كاملة كأنثى، اخترت الحجاب لأن حياتي تخصني أنا ولا شأن لأي أحد فيها، هي حياتي مُلكي أنا وسيحاسبني عليها رب العباد وليس أفراد مجتمع فانين.

أختي المسلمة لا تجعلي الحجاب جزءا منك، بل كوني جزءا من حجابٍ كامل يروي للناس حِكاية ثوابتٍ مَدتكِ بالحياة.

لا تجعلي الناس يرون حجابا على رأسك فقط، بل اجعليهم يرونك من خلال حجاب يكشف عن عقل عُجن بشريعة وعقيدة فذة سليمة، اصهري عيونَهم الحاقدة والجمي ألسنتهم القاذفة الكاذبة لا بنزعك للحجاب خوفا، بل بتمسكك بما كُن عليه الصحابيات والتابعات اللواتي أعزهن الله، أفتريدين العزة من خالق الكون أم رضا نفوس فانية ؟القرار عائد لك، والثواب والعقاب بيد رب رحيم شديد العقاب.

في النهاية أختم هذه التدوينة بذكر آيات تزيد موقف المسلمة المحجبة قوة وثباتا، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب-59، وهنا آية تلخص ما تسعى له المرأة المسلمة من اختيارها اتباع أمر الله عز وجل، (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَة . لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ . فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ . لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً . فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ . فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ . وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ . وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ . وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَة) الغاشية:8-1.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.