شعار قسم مدونات

قصص حب عابرة..

blogs - morocco

بانطلاق الحملة الانتخابية لاستحقاقات السابع من أكتوبر المقبل، والتي تَعرف منافسة شديدة بين الأحزاب السياسة المغربية بغية ضمان قيادة الائتلاف الحكومي المقبل، خرج للشارع "كائنات موسمية" اختصاصها تسيير الحملات الانتخابية واستقطاب الناخبين (أو بالأحرى أصوات الناخبين) الذين أصبحوا بين عشية وضحاها مركز اهتمام كل الفعاليات السياسية. اهتمام مفاجئ لا يمكن نزع صفة الموسمية عنه كذلك، وما هي إلا أيام معدودات ليتفرغ هؤلاء "الغرباء" لما هو أهم: المصالح الشخصية التي تكون غالباً المحفز الوحيد والأوحد لدخولهم غمار المنافسة.


حملات الأحزاب هي تعبير عن حب من طرف واحد، ومحاولة لكسب قلب امرأة لم تعد الكلمات الرنانة والمنمقة تجدي معها نفعاً، حملات تسويق الأوهام والوعود الكاذبة التي لن تمهد أبداً الطريق لهذا القلب الذي فقد مفهوم الثقة وجارت عليه الحكومات السابقة، إلا أن الحب بطبيعته أعمى، وهو ما يدفع بممثلين الأحزاب إلى توظيف كل السبل للظفر بهذا القلب صعب المنال.

الانتخابات لعبة يكتفي فيها المواطن العادي بلعب دور الكُمبارس البسيط، تاركاً أدوار البطولة لمن يتقن فن التمثيل ولعب دور العاشق الولهان.

لهذه الفترة مصطلحاتها الموسمية كذلك: مناظرة، لقاء تواصلي، برنامج حزبي، ورشات مفتوحة، تجمعات جماهيرية.. والتي لا تستعمل إلا في ظرفية مماثلة بغية تهييئ الناخبين واستدراجهم لصناديق الاقتراع لتوثيق ومباركة عقد الزواج الذي سيجمع الحكومة بالشعب لمدة 5 سنوات جديدة، والتي ستكون مدة كافية ليأتي فيها المتلهفون الجدد على ما خضر لونه و ما جادت به الحكومات السابقة.

بالموازاة مع هذا الحب العابر، هناك عداوة، شرسة، عابرة أيضاً بين الأحزاب السياسية، فأصدقاء الأمس الذين جمعهم السقف الحكومي الواحد، فرقت بينهم الحملات الانتخابية، والحرب التي أبيحت فيها كل الوسائل والطرق بما في ذلك الخوض في الأعراض والحياة الشخصية. فهي حرب من أجل البقاء، والبقاء في عالم السياسة يكون للأمكر.. عداوة ستنجلي ببزوغ نتائج اللوائح الانتخابية لتكوين التحالفات وتقاسم الحقائب الوزارية بين أحزاب الأغلبية معلنين بذلك ميلاد حب جديد وهم متيقنين كل التيقن أنه عابر مصيره الزوال.

هي لعبة الانتخابات إذن، يكتفي فيها المواطن العادي بلعب دور الكُمبارس البسيط تاركاً أدوار البطولة لمن يتقن فن التمثيل ولعب دور العاشق الولهان..  فالسياسة فن، و هذا الفن لا يمكن أن يكون إلا تمثيلاً يتغابى فيه الجميع و يكتفي كل واحد بلعب الدور الذي ساقته إليه الأقدار، مستعينين على ذلك بأقنعة تخفي الأوجه الحقيقة، فهذا يساري مستعد لارتداء عباءة الإسلامي، وذاك اشتراكي لا يفقه في مبادئ الاشتراكية شيء.. إلا أن الغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة!

لا حياة مع اليأس، ولضمان استمرارية الحياة نرغم أنفسنا على رؤية بصيص الأمل، نختلق لهم أعذاراً، نتوهم الصدق في بهتانهم، نصدق حبهم العابر في انتظار غد أفضل وممثلين صادقين لهم مقدرة تنزيل وعودهم على أرض الواقع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.