عزيزتي، كما توقعت، اليوم أرغمونا على كتابة رسائل إلى الأهل، لا أدري لماذا يحتاج الأهل للاطمئنان، والحبيبات للرسائل الغرامية، أتمنى أن تدعونا نعمل، فلدينا الكثير من البطاطس لتقشيرها بعد أن هدأت الحرب، المهم طلبوا هذه المرة أن نصف الخضرة التي حولنا للأهل، هؤلاء كذابون، ما حولنا لا يعدوا كونه شجر نيم تتساقط منه الكثير من الأوراق، والحشائش هنا لها أوراق حادة، لقد مزقت أرجل الرجال، نخرج كل يوم إلى النهر لغسل البطاطس ثم تقشيرها، لقد تعلمت الطبخ بالفعل، وبعد قليل سأعد طبقاً من الفول، طبعاً لن أعد طبقاً من البطاطس، إن كنت تظنين فأنت غبية كما عهدتك، هه أمزح (كذبت عليك ثانية)، البطاطس نبيعها في سوق المدينة لتسديد ديون الجيش، حسناً إلى اللقاء، المرة القادمة لن اكتب إليك حتى لو وضعوا بندقية كلاشنكوف في رأسي.
حتى الآن لم يتسن لي أن أقتل أحداً، كل تلك الأيام التي قضيتها في الجيش ذهبت سدى، فقبل الالتحام مع العدو بدقائق، كان القادة قد وقعوا اتفاقيات سلام. |
عزيزتي المنحوسة ، الحرب اشتعلت من جديد، ولم أكتب هذه الرسالة لأني أحس بدنو الأجل أو ما شابه ذلك، كتبتها فقط لأني وعدتك بذلك، فكما تعلمين أنا رجل نبيل، غصباً عن أبيك الذي يراني رجلاً أخرقاً، وكلنا نمتلك العيون، فأنا أراه مجرد مسخ ابن (لذينة)، لديه الكثير من الجينات الغبية لدرجة أنه أعطاك نصفها، ههه لست أمزح، لقد رأيت منك الكثير، بالمناسبة، وصلتني رسالتك قبل يومين، كيف أمكنك أن تكتبي رسالة من ثلاثين صفحة، هل شربتي شيئاً قبل أن تهدري كل ذلك الحبر، لم أكن أتوقع أن تكوني بذلك الغباء، طبعا لم أقرأ منها حرفاً واحداً، أشعلنا بها الحطب ولعبنا على ضوئها الورق، المهم اعلمي بأني أحبك جدا، وأقدسك إلى أبعد حد.
عزيزته التي يبدو أنها ليست غالية، لقد مات حبيبك، نعم مات ميتة بشعة، ذهب صباح الأمس على ما أظن إلى النهر ليغسل حبتي بطاطا من أجلي، لكنه لم يعد، ظننا أنه غرق أو ما شابه، لكننا عند المساء وجدنا أشلاءه متناثرة عند الضفة الأخرى، لقد أكله التمساح يا عزيزته، ومات دون أن يطلق رصاصة واحدة ابن المنحوسة، المهم سنرسل لك الجثة.
عزيزته، لقد جمعنا ما تبقى من جثة حبيبك، وضعناها في كيس نايلون لنرسلها لكِ في الصباح، ووضعناها في الثلاجة، لكن في الصباح عندما فتحت الثلاجة، لم أجد حبيبك، الجنود بعد أن سكروا ليلة البارحة أرادوا أن يأكلوا اللحم، وقد فعلوها.
أنا لا أهتم، شكراً.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.