بدأت وببساطة أخبرتهم: حياتي هي نصٌ فُقد.. فكيف لي أن أسرُده لكم؟ مزيجٌ من مشاهد تراجيدية وأوهام اختلطت معاً لينتج ما لا يُمكن تحديدُه. هي شيء ما تمرد على الزمان بل تمرد على نفسه، فأنا هي قيمة الزمان وبي يُعرَّف، لا أجد معنى لما هو سواي وما دوني.. فما كان قبلي كان لأكون، وما سيأتي بعدي أتى لأنني أتيت -أتى ليخلِد مشروعي..
لا أستطيع الحديث بدقة عن ما يسمى -حياتي- فأنا لم أتعرف إليها بعد.. حاولتُ جاهدةً أن أصل إلى مفهوم ما حولها ولكن محاولاتي باءت جميعها بالفشل. فحياتي لا تتركني وشأني أبدا، ولا تسمح لي بالإمساك بها ولو لمرة، وتأبى دوماً أن تلقي إلي بشيء من أثرها يساعدني أن أصل إليها يوماً ما.
حياتي لا تتركني وشأني أبدا، ولا تسمح لي بالإمساك بها ولو لمرة، وتأبى دوماً أن تلقي إلي بشيء من أثرها يساعدني أن أصل إليها يوماً ما. |
تلك الغانية تتلذذ بإحراقي في كل مرة أكون على موعدِ معها، لا تكل من التراقص أمامي مستترة خلف حاجز ضبابي يفصلني عنها ضباب كثيف لا يسمح لي برؤية شيءِ سوى عشرات الخيالات المتداخلة. يفصلني عن حياتي مسافة ليست أكثر من خطوة وخمسة قطرات من عرقها سقطت منها في يوم بعد أن أنهكت نفسها من الدوران بلا جهة، انحنيت مقتربةً من هذه القطرات فوجدتها في حقيقتها كلمات خمس. خمسُ كلماتٍ سقطت من حياتي حملتُها بين إصبعيَّ بذهول وشغف كانت تلك الكلمات ( جاردينيا، مقصلة، مينرفا،منفى ) ورقم (34) لم أستطع معرفة الجمل المتممة لها ولكن ما أيقنته أن هناك جمل في حياتي أصبحت الآن ناقصة.
يا للمغفلة كم أضاعت من كلمات وكم أحرقت من جمل! وهي تترنح كطائرٍ قطع جناحيه فراح يضرب بنفسه متشوقاً لفنائها.. حياتي؛ كم أشعر بقربها مني، مددت يديّ لألمسها ذات مرة. أغفلت قوانين الكون وألقيت بكل فيزياء اكتشفت.. نقضت عهدي الذي قطعته معها بأن لا أحاول تجاوز تلك المسافة الفاصلة.. استسلمت لضعفي واقتربت فترامت أمامي ولامست أطراف أصابع قدمي باعثةً في نفسي رعشةً هي صحوة الموت.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.