كيف للكلمات أن تخرج من أفواهنا ضحية للمجاملات؟ ثم كيف للكلمات أن تخرج من أفواهنا كسيل جارف إذا ما أحسسنا بشيء بسيط من الإهانة والتهميش؟ كيف لكل هذا الكلام الجميل المعسول أن ينساب من شفاهنا إذا ما أحسسنا أماناً وحبّاً؟
أضحك في كل مرة أشعر فيها بالفرحة العارمة، ولا أجد من يشاركني إياها، فيصبح العالم لدي كذرة غبار لا قيمة لها. أضحك في كل مرة أجدها تخبرنا بأنها تكرهنا جداً، ثم تعود لتقول "كنت معصبة". أضحك في كل مرة أراها تضع طلاء الأظافر وتبكي؛ لأنها لا تشعر باهتمام أحدهم. أضحك في كل مرة أراها تفرد ريشها أمام المرآة لتقول لنفسها "تؤبريني حليانة".
المرأة تحترف المراوغة، تجيد التخطيط، ولكنها كثيراً ما تجني الكوارث بمجرد التنفيذ، ودموعها حاضرة هناك كسيدة للموقف. |
ما أغرب هذا العالم البسيط، ثم ما أجمل هذه المخلوقات اللطيفة، التي تستحيل مصدراً للتذمر والدموع وآلاف الثرثرات غير المفهومة إذا ما أحست بسوء. إنها تضع "الروج" وترقص أمام مرآتها ليلاً، ثم تستيقظ صباحاً تصرخ في موقع العمل، لأن أحدهم لم يكن كما يجب.
نحن لا نملك الأسلحة الثقيلة، ولا نجيد لغة العنف والتعنيف، لكننا وعلى الرغم من كل هذا، بإمكاننا أن نغير الواقع "بقلم روج". |
كثيرا ما ننسف الإحسان، ننسى العهود، نكره بغضب، ونصنع من كل حبة قبة، لكننا سرعان ما نتوارى حتى نختفي أمام كلمة حلوة واحدة. لطالما رأيت دقة وعظمة إبداع الخالق في المخلوق الذي نطلق عليه المرأة.. تبدأ طفلة، وتكبر شابة، تصبح زوجة، ثم أما، ثم جدة، وفي كل انعطاف أو سيطرة للتعب، تهفو وتغفو لتعود إلى أولى أدراجها، إلى سذاجتها الحلوة، ولطفها الشقي، إنها تعود لتصبح طفلة.
كثيرا ما تخرج الإناث عن صمتها، لتتهم الرجال بكل نقص، تنعتهم بالقسوة والقصور، كثيرا ما تؤنب وتهذب وتتذمر، كثيرا ما تعتب وتغضب وتبكي، إلا أنها وفي نهاية المطاف، تكون دائما الحضن الأحن والأسبق والأوسع، إذا ما تعرضوا لأي مطب حياتي.
نحن لا نملك الأسلحة الثقيلة، ولا نجيد لغة العنف والتعنيف، لكننا وعلى الرغم من كل هذا، بإمكاننا أن نغير الواقع "بقلم روج".. فقط إقرؤونا بحب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.