قتل ناهض حتر بعد خروجه من مبنى العدل (محكمة) في وسط العاصمة عَمان، وثار جدل خاض فيه الكثيرون حول مدى استحقاقه للقتل أم لا، و لكن إذا ما لاحظنا من منظور أعلى فسنلاحظ أن قتل المخالفين في الرأي صار هو سيد الموقف في كل مكان.
لا يخفى على أحد أن العالم أصبح قرية صغيرة لدرجة أننا صرنا نتزاحم على البقاء فيها رغم اأنها تتسع للجميع للعيش بسلام، ولكن نفوسنا ضاقت فصار كل شخص لا يريد الحياة على أرض فيها من يخالفه التوجه لو قليلاً، فنرى كل يوم اتهامات تسلط بالتكفير و الخيانة والخذلان كلافتات كبيرة يستباح من خلالها دم إنسان.
و صار الكل يخاف التعارض في الأفكار خوف القتل و التنكيل. وقريتنا الصغيرة أصبحت تضيق بالاستماع و تبادل الآراء لكنها رحبة لحشو الرصاص في مخازن الأسلحة تمهيدا لإعادة تفريغها في جسد إنسان يخالفنا الرأي، و كأن كل من يتعامل بهذه العقلية يصيح بأعلى صوته أنا ملك الغاب و من ليس من جنسي وفكري فلن يلبث فيها ولو ساعة من نهار.
حتر -كما قيل- تجرأ على الذات الإلهية وهذا يكفي كي يقتل، لكن هذا أمر القانون وحده من يقرره ككل الجرائم |
حتر كما قيل تجرأ على الذات الإلهية وهذا يكفي كي يقتل، لكن هذا أمر القانون وحده من يقرره ككل الجرائم التي يحتكم فيها البشر فيما بينهم، وناهض سار بقدميه وكان متواجدا ليحكم عليه بالأنظمة، فمن أين أتى المستبيح لدمه دون أي حق ليقتله؟ محاولا الفرار بعدها.
و يكفي أنه يعرف أن ما فعله جرم ليولي هاربا دون أن يعقب، ولو كان الحق معه لما تزحزح من موضعه، ولكنه الظلم و العدوان ممن لا حق له بإزهاق تلك الروح.
وحتر ماهو إلا حلقة في سلسلة جديدة للقتل غير المبرر من قبل أشخاص أعطوا أنفسهم الصلاحية للقتل وتنفيذ الحدود دون وجه حق، فقط لأنهم أدركوا النقص في عقولهم وبأنهم زائلون لا محالة فحاولوا جاهدين تمزيق الممزق في النسيج الاجتماعي ومحاولة فرض الفكرة بالقوة.
وهذا ما ظهر كثيرا من قبل في حادثة قتل الشاب اليمني عمر باطويل في ملابسات مشابهة للجريمة و بدوافع مشتركة، الغرض منها إزهاق الأرواح دون أي حق و لابد من الوقوف ضد هكذا عمليات و الاستخفاف بدماء الناس .
و كما قلت وأكرر بأن حتر واحد من الألف الذين قتلوا، وسيقتلون لاحقا لنفس السبب وبنفس الدواعي ومن نفس أصحاب العقول المفرخة بالحقد والضغينة لكل ما لا يشابههم، ولو أخذوا وقتا بسيطا للنظر في المرآة لوجدوا أنهم أقبح من أن يشابههم أحد و قبحهم لا يمت للبشرية بصلة… ولو حاولوا جاهدين إخفاء تلك الملامح المستذئبة أو حاولوا بكل مظاهرهم إخفاء حجم عقولها التي لا تساوي حجم الرصاصة التي انطلقت لتزهق تلك الروح .
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.