شعار قسم مدونات

في تشاد.. عربٌ خذلهم العرب

blogs - chad
قناة تشاد الفضائية لا تختلف عن أية قناة عربية أخرى، بل إنها أفضل محتوى وشكلاً من كثير منها. كان الخبر الرئيس في النشرة عن تنصيب الرئيس التشادي إدريس ديبي لفترة جديدة، بعد نجاحه في الانتخابات الأخيرة، كل اللافتات التي ظهرت في التقرير كتبت باللغة العربية، حتى رؤساء الأحزاب المشاركة في الانتخابات كانت حملاتهم وبرامجهم الترويجية باللغة العربية.

 

الاهتمام بلغة الضاد في تشاد، شعبياً وحكومياً، يعاني اليوم من هجمة شرسة من الدول الغربية وحلفائها في الداخل.

هذا الأمر قد لا يستغربه المتابع للشأن التشادي، فالبلاد تضم عدداً كبيراً من المتحدثين باللغة العربية، وأغلب اللهجات المحلية بها كلمات فصيحة، وينتمي بعض السكان لقبائل عربية لها امتدادات في دول الجوار (السودان وليبيا)، والعربية لغة التواصل الأولى بين الناس في شوارع انجامينا، ونص الدستور الأخير الصادر عام 1996 على أن اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب الفرنسية، التي فرضها المستعمر لغة للمعاملات الإدارية والمؤسسات الحكومية إلا أنه عجز عن استئصال العربية من المجتمع.
 

هذا الاهتمام بلغة الضاد في تشاد، شعبياً وحكومياً، يعاني اليوم من هجمة شرسة من الدول الغربية وحلفائها في الداخل، وهي دول تعتبر المانح الأول للمساعدات، والممول للمشاريع التنموية، مقابل إهمال عربي واضح لبلد يعتبر دولة عربية بكل المقاييس التي تعتمدها الجامعة العربية لتصنيف الدول التي تستحق عضوية الجامعة.
 

لقد عمل القذافي لسنوات على تأجيج النزاعات الداخلية في تشاد، وخاض حرباً طويلة أنهكت البلد ومزقته لسنوات، وتحالف مع قادة مليشيات غير عربية تدعو لوأد كل مظاهر العروبة والإسلام في البلاد، لقد خاضت تشاد حربا ضروساً لسنوات مع قوات القذافي، الذي احتل إقليماً غنياً باليورانيوم شمالي البلاد، وقصف العاصمة انجامينا ومدناً أخرى، وشرد آلاف السكان، وحاكت مخابراته مؤامرات لقلب أنظمة الحكم المتعاقبة، ودعم وسلّح مليشيات محلية من المناطق الجنوبية التي تقطنها الأقلية المسيحية لمحاربة العرب وتهجيرهم.
 

فطن الآخرون لأهمية تشاد الاستراتيجية ومستقبلها الزاهر، وأعمتنا عنها ثنائية الغفلة والاستعلاء.

لذا قد يقصر مصطلح "الخذلان" عن وصف ما قام به العرب ضد إخوة العِرق واللغة، فما اقترفه بعضهم وصل حد العدوان والتعدي، واغتصاب الأرض، وقتل السكان الأبرياء لتحقيق مصالح خاصة.
 

ومن المؤسف أن تسعى اليوم دول الاتحاد الأوروبي والصين وأميركا لدخول تشاد وغيرها من الدول الأفريقية المجاورة،  وتصرف مبالغ طائلة لنقل ثقافاتها وبناء مراكز لتعليم لغاتها لأبناء هذه البلدان، بينما تهمل الحكومات والمؤسسات العربية هذه الشعوب، التي تعتبر امتداداً ثقافياً وحضارياً أصيلاً للعرب تركوه لقمة سائغة للمد الإسرائيلي الذي يسعى لتطويق المنطقة العربية، وسد كل المنافذ إلى قارة تزخر بالفرص، فطن الآخرون لأهميتها الاستراتيجية ومستقبلها الزاهر، وأعمتنا عنها ثنائية الغفلة والاستعلاء.
 

علّق أحد الإخوة القمريين على مقال سابق دونت فيه مشاهداتي بعد زيارة لبلاده قائلاً: "نحن لا نريد من العرب شيئاً، ولسنا في حاجة إليهم، لكن يحز في أنفسنا أن تتهافت الأمم علينا بينما لا يعرف بعض إخوتنا العرب موقع جزر القمر على الخارطة".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.