ما بين 1948 إلى 1952، تمكنت الاقتصادات الأوروبية ( بفضل خطة مارشال) من استرجاع عافيتها واستقلاليتها وإعادة بناء قدراتها الإنتاجية الصناعية والزراعية وإعادة التوازن. |
في شهر جوان (يناير) من سنة 1947 جاءت تصريحات الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية ووزير الخارجية الأميركي منذ يناير 1947، حول حجم الدمار والجوع والفقر والبطالة الذي لحق بأوروبا حيث صحب كل ذلك تحذيرات صريحة من استثمار هذا البؤس واليأس سياسياً في إشارة إلى المدّ الشيوعي خلال تلك الحقبة والوقوف صدّاً أمام أي تهديد لسقوط أوروبا في فلك الاتحاد السوفياتي.
وفي اجتماع باريس سنة 1948 تقدمت الدول الأوروبية بخطة تم عرضها والمصادقة عليها من قبل الكونغرس، والذي أفضى بعد ذلك إلى التوقيع على قانون أُطلق عليه "برنامج الانتعاش الأوروبي" والذي تم بمقتضاه بعث إدارة التعاون الاقتصادي وتكليفها بمباشرة تنفيذ المشروع على الجانب الأميركي في حين تم إنشاء المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي على الجانب الأوروبي.
انطلقت عملية توزيع الإعانات والقروض حسب الخطة وذلك على امتداد أربع سنوات، أي ما بين سنة 1948 إلى غاية سنة 1952، تمكنت خلالها الاقتصادات الأوروبية من استرجاع عافيتها واستقلاليتها وإعادة بناء قدراتها الإنتاجية الصناعية والزراعية وإعادة التوازن، ناهيك عن ميزان دفوعاتها الذي استعاد توازنه حيث بلغت معدلات نمو ناتجها القومي الإجمالي ما بين 15 و 25 بالمائة خلال فترة تنفيذه إضافة إلى أن المشروع أسهم بطريقة مباشرة في مزيد توثيق العلاقات بين البلدان المستفيدة مع بعضها من جهة، وبينها وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى.
ما تم ويتم تقديمه على أنه جهد أميركي خالص لوجه التنمية ومساعدة الشعوب التوّاقة للديمقراطية هو من صميم الخدعة تماما. |
والأهم من ذلك على المستوى الإقليمي هو بروز التكتل الاقتصادي الأوروبي وتشكيل حلف عابر للمحيط الأطلسي كانت مهمته الأساسية مواجهة المد الشيوعي في العالم أو بمعنى آخر إيقاف المدّ الثوري التحرّري في المقام الأول، وخاصة في فرنسا وإيطاليا بما يعني السيطرة الكاملة على رأس المال في كل من هذين البلدين.
أما بالنسبة لألمانيا واليابان فقد عرفتا ضعفا نسبيا على المستوى النشاط النقابي والسياسي وإعادة بناء رأس المال بهذين القطبين يشكّلْ ربحا للرأس المال الأميركي وللبورجوازيتين الألمانية واليابانية.
ما وقر في قلب الأمّة الأمريكية وصدّقه تاريخ السلوك التنموي والبناء السيكولوجي العدواني الحديدي لها لا يدع مجالا للشكّ بأن ما تم ويتم تقديمه على أنه جهد امريكي خالص لوجه التنمية ومساعدة الشعوب التوّاقة للديمقراطية هو من صميم الخدعة تماما كخدعة أحقية الشعب اليهودي في الأرض والعودة، والمؤسس على الروح التوراتية التي قامت عليها اسرائيل الله الأولى كما سُمّيت الولايات المتحدة وقت نشوئها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.