شعار قسم مدونات

خالق الفرص

blogs- doors
 
يفصلنا عن الواقع ما يحول بيننا وبين معرفته، وعن النجاح ما يحول بين تربيةٍ وتطوير قيادة، بما أننا جعلنا عوامل التحضّر والتقدّم عواملَ بشرية ورددّناها إلى صميمِ الإنسانِ وصنعه وتغلُّبِ قواهُ الإيجابيّة على السلبيّة وانتَقَدنا من يفشلُ في إدارة قواه، كان لا بدَّ لنا أولاً أن نرفع العتابَ عن أنفُسِنا ومن ثُمَّ يكونُ لنا تصريح التعليق..

ليس للمجتمع حقٌ بأن ينظر إلى المُحبَطِ بأنّهُ فاشل وبأنّهُ لم يرعى حقَ نفسه؛ لأنَّ هذا الشخص كان لهُ علينا حقٌ ولم نِؤتِهِ إياه؛ حقّه في التربيّة ولا أقصدُ بالتربية هنا نقلُ التراث أو تلقين المعارف والمعلومات.
 

فالتربيةُ الصحيحة لا تكتفي بهذا بل تعتمدُ على تَفَتُحِ المواهبِ التي وهبها الله للإنسان ليعمل بها، وتطوير القدرات العقلية والنفسيّة وإلى إعداد شخصياتٍ إيجابية مؤهلة مستقبلاً إلى تحمّل تبعات قيادتها للتابعين بعدها لأنها عمليةٌ دوريّة تستمرُ باستمرار الحياة تعني أنّ الذي لم يؤهل لن يؤهلَ من بعده.
 

إن لم يوفر لك المجتمع حصتك من الفرص وإن لم تجد لك شاغراً تبثُّ فيه نجاحك وطموحك وُجِبَ عليك خلقُ الفرص من اللا فُرص.

وبناء على هذا، لن نبالغُ إذا رفعنا قدر التربية وأكدنا أهميتها ودعونا إلى الحرص على صلاحها وجعلِ مؤسساتها التقليديّة " المدارس،المعاهد،الجامعات " جديرة بتحمل تبعاتها من إعداد الأفراد العاملين المُنتجين وتطوير القيادات المؤهلّة لإدارة شؤون مجتمعاتها مستقبلاً..
 

فلا غنى لنا عن أن نؤكدَ هنا بأنّ القيادة لا يمكنها أن تُحقّق بمجتمعها غير ما تكون قد حققت في نفسها ولا أن تبعثَ النور إذا لم تكن قد استنارت قبلا، ولن يتقد النور عفواً أو اعتباطا بل هما نتاج مجاهدة عسيرة واكتسابٍ كثيف.
 

لا أقول أن كلَّ الحمل على القيادة ففي كل نفس همة إما أن تشدها اسفلا أو أعلى والمسؤول الأول عن سوء العملية التربوية ليس الطالبُ للعلم بل مسؤوله..

قد تكون التربية عملية بطيئة وهذا الطبيعي لأن إنشاء العقول وتهذيب النفوس يتطلب الكثير من الجهد الماديّ والمعنويّ وشتان بين أن يأخذ الأمر وقتا بالبناء وبين أن يستمر بالهبوط فالتربية تظلّ على بطئها هي الضامن الأكيد لثبات أيِّ إصلاحٍ وإيتاءِ ثمارهِ المرجوّة .
 

في ظل هذه التحديات لا نملك إلا أن نقول أنَّ لكلِّ فردٍ ثغره، وكلُّ مُيسرٍ منا لهُ سببهُ وسبيلهُ، أقصد أنه وإن لم يوفر لك المجتمع حصتك من الفرص وإن لم تجد لك شاغراً تبثُّ فيه نجاحك وطموحك وُجِبَ عليك خلقُ الفرص من اللا فُرص ..

فالقوة ليست بعدد الضربات التي تتلقّاها بل بمدى تحملك إياها، نعم تبقى على ثغرة فلا يُؤتَيَنَّ من قِبَلِك، أي أنَّ المحاسبة الفردية للذات هي الحل والضامن الثابت في ظل مجريات هذا الحاضر والمستقبل الآت ( وكلٌ آتيهِ يومَ القيامةِ فرداً ).
فكن أنتَ الجماعة ولو كنتَ وحدك .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.