مجلس النواب وجودهم لا يغني ولا يسمن من جوع، فهم مجرد غطاء تستغله الفئة الحاكمة لتمرير مشاريعها مثل تمرير قانون المالية الأخير |
لعلّ السبب الرئيس الذي جعل الشعب الجزائري يقاطع العملية السياسية نهائيا هو في الكيفية التي تتعامل بها الطبقة السياسية مع المواطنين سواء كانت في السلطة أو المعارضة والمتمثلة في الخطابات المزيّفة والوعود الكاذبة، والتي أدّت في النهاية إلى واقع مرير يعيشه المواطن الجزائري اليوم. هناك فساد منتشر على كل المستويات، وبطالة رهيبة، ودخل فردي ضعيف لمن لهم وظيفة، فلا يتجاوز الراتب الشهري لمعظم الموظفين 300 أورو شهريا، فهذا يقلل من كرامة المواطن الجزائري كإنسان، أمّا الذين ليس لهم وظيفة فلا دخل لهم ومنهم عشرات الآلاف من خريجي الجامعات والمعاهد، إضافة إلى البنية التحتية الرديئة فلا تهيئة عمرانية جيّدة ولا تنمية مستدامة حقيقية، ولا مستشفيات مُحترمة ومُتطوّرة يعالج فيها الجزائري بكل أريحية، والدليل على ذلك هو هجرة الكثير من المرضى الجزائريين للعلاج في مستشفيات دول أخرى، أليس بمقدور دولة مثل الجزائر التي عاشت بحبوحة مالية كبيرة بناء مستشفيات من الطراز العالي؟
هناك من الجزائريين يعانون من أبسط الأمراض منهم من يموتون بسبب عدم اللامبالات داخل المستشفيات أو الإسطبلات كما يحلوا لبعض المواطنين تسميتها، نحن نرى كل يوم نداءات المرضى على قنواتهم التلفزيونية "الخاصة"، ولا تتكفل بهم الدولة إلا قليلا، فهم لا يريدون سماع وصف حقيقة الواقع المؤسف الذي يعيشه المواطن الجزائري، واقع مؤلم مليء بالبؤس والشقاء، لأنّهم ينزعجون من ذلك.
الواقع الذي تعيشه الجزائر اليوم من تخلّف اقتصادي واجتماعي مردّه إلى رداءة النخبة السياسية المزيّفة الحاكمة في البلد، كل مشاكل البلد سببها السلوكات السياسية الفاشلة لهذه النخبة والمّتكررة منذ عشرات السنين بلا حسيب و لا رقيب.
الأزمة المالية الحالية ستؤدي من دون شك إلى تكرار سيناريو أحداث أكتوبر 1988م من القرن الماضي، في حالة ما إذا انتهى ما تبقى من المال في الخزينة العمومية، والمؤشرات الحالية تجعل الأمر شبه مؤكد، لأنه ليس هناك نخبة حقيقية ذات كفاءة عالية في السلطة ستنقذ البلد من الإفلاس. من فشل في بناء اقتصاد قوي للبلد في زمن البحبوحة المالية، سيفشل حتما في إنقاذ البلد من الإفلاس والانهيار، نفس المدخلات ستؤدي إلى نفس النتائج، فما هو الحل لإنقاذ الجزائر من الانهيار الوشيك؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.