"مملكتنا مهددة " بهذه الكلمات فاتح فريد، ألِيسْ، التي كانت عضوا في فريق العمل المسؤول عن إدراة مملكة البطاريق فما كان منها إلا أنها أعارته نصف انتباه وقررت أن تسمع – لا على سبيل الإنصات – وإنما على سبيل الحق الممنوح لكافة أعضاء المملكة.
فلما أن جاءها فريد بأدلة تنذر بزوال مملكة البطاريق حيث أن الجبل الجليدي مهدد بالزوال في فصل الشتاء المقبل، إثر وجود شقوق فيه تملؤها المياه شيئا فشيئا، ما يعني أن وجودهم بأسره باتت مهددا، قررت أن تتعدى مرحلة الانتباه إلى الإصغاء.
اقتنع الجميع بضرورة الرحيل للوطن الجديد، لكن المفاجأة أنه ورغم أن موطنهم الجديد كان آمنا ومستقرا إلا أنهم بحثوا عن موطن آخر، حيث أدركوا أن التغيير يجب أن يكون جزءاً من ثقافتهم |
ولما رأت أن ما ذكره البطريق أقرب إلى الصواب أرادت أن يطمئن قلبها فطالبته بالذهاب إلى حيث دوّن ورأى تلك الملاحظات في الجبل الجليدي. لكنها صعقت من هول ما رأت فقد كان فريد محقا في كل ما قال بشأن الخطر الذي هدد وجود مملكة البطاريق بأسرها.
لكن المشكلة هي كيف تستطيع أن تقنع باقي أفراد إدارة المملكة ومن ورائهم كافة البطاريق الذي لا يفصلهم عن الشتاء سوى بضعة أشهر، والأخطر هو كيف تنتقل بهم من مرحلة الإنذار والإخِبار إلى مرحلة النجاة. في ظل وجود البطريق "لا لا" الذي لا هم له سوى تثبيط العزائم والتشكك في كل شيئ وتسفيه الآراء.
لكن ألِيسْ اجتمعت بالمجموعة المسؤولة وقررت مصارحتهم، فما كان منهم إلا أنهم انقسموا على أنفسهم بين مصدق ومكذب، وأكثر من ذلك الاستهزاء والاستخفاف من قبل البطريق "لا لا". بعد جهد جهيد قرر مجلس قيادة المملكة الذهاب مع فريد لرؤية الجبل بأم أعينهم، فكانت المفاجأة أن كل ما ذكره فريد صحيح مائة بالمائة.
وهنا جاءت الدعوة الفورية لاجتماع عاجل لكل أعضاء المملكة للبحث فيما يمكن فعله. بدأ الترقب يسود الجميع إلى أن تحدث لويس قائد المملكة الذي كشف عن كارثة تهددهم في غضون شهرين أو ثلاث فما كان من الجميع إلا أن أدرك أن حياته في خطر، وكانت نقطة انطلاق عملية التغيير: "تقليل الاحساس بالرضى و زيادة الاحساس بالخطر". وهذه من أهم المراحل التي عاشتها المستعمرة، التي كانت لا تفكر في أي مصدر للقلق أو الخوف لا على الحاضر أو المستقبل.
فشرعت المستعمرة في تشكيل "فريق إنقاذ" لإيجاد حلول غير تقليدية، وكان أحد أبرز ما تميز به الفريق هو تنوع إمكانياتهم وقدراتهم وتكاملهم فيما بينهم. وجاءتهم نذر الفرج عبر طائر النورس الذي كان يحلق فوق مملتكهم بحثا عن وطن لمملكته، إذ أن مملكته لا تقرّ في مكان، وكان هذا مفتاح الحل، إذ أدرك فريق العمل أن العلاج لن يكون بإصلاح الجبل بل بالرحيل عنه. لكن أنّا لهم بإقناع المستعمرة بذلك.
خطوات التغيير تبدأ بإدراك الحاجة إليه سواء من القيادة أو الأفراد، من ثم تلعب القيادة دورا هاما في قيادة وإدارة التغيير المنشود |
وبدأت مرحلة جديدة في عملية التغيير بإقناع المستعمرة كلها بضرورة الرحيل، مستفيدا من طائر النورس. وشرع في تقسيم المستعمرة كفرق عمل للبحث عن جبل جديد، لكن الأمر لم يكن كما يتصور البعض سهلاً فكثير من مثبطي الهمم منتشرون وبكثافة، ومتربصي التغيير المنشود ما أكثرهم. لكن فريق الكشافة المنوط به البحث عن وطن بديل شرع في العمل من فوره، وقرروا أن يكونوا أصحاب سبق في هذا الأمر ليكونوا محل فخر من مملكتهم.
وتعاقبت فرق الكشافة التي اكتشفت قدرات هائلة لديها لم تكن تعلمها من قبل، فضلا عن عن العثور على عالمً رائعً من التجوال والتنقل بين الجبال المختلفة، إلى أن وجدوا ضالتهم…نعم وجدوا (وطنا) جبلا جديدا رائعا يصلح للعيش والحياة والنجاة.
وبالفعل اقتنع الجميع بضرورة الرحيل للوطن الجديد، بقيادة وتشجيع لويس القائد الفذ، لكن المفاجأة أنه ورغم أن موطنهم الجديد كان آمنا ومستقرا إلا أنهم بحثوا عن موطن آخر، حيث أدركوا أن التغيير يجب أن يكون جزءاً من ثقافتهم.
هذا هو ملخص لكتاب "جبلنا الجليدي يذوب" الذي يروي التغيير ومراحله في صورة قصة بسيطة، لكن مغزاها كبير.
فخطوات التغيير تبدأ بإدراك الحاجة إليه سواء من القيادة أو الأفراد، من ثم تلعب القيادة دورا هاما في قيادة وإدارة التغيير المنشود، الذي يجب ألا يتقيد بحدود طالما لا تتعارض مع الهدف المرجو. حين إذن يقبل الجميع فكرة التغيير، ويشاركوا فيه ويكتشفوا ذواتهم وقدراتهم والشروع في عملية التغيير، الذي لا يصبح موقفا عارضا بل ثقافة تتبع.
فهل من ألِيسْ جديد ؟!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.