شعار قسم مدونات

ماذا قدم التشدد الديني للربيع العربي؟

blogs-تشدد

تميزت الثورات العربية الحديثة -أو ما يعرف بالربيع العربي- بظهور تيارات فكرية وسياسية جديدة الأسماء قديمة الأهداف، ولعل أبرزها التيار السلفي كنموذج تموقع في كل الثورات العربية بعد غيابه في الأنظمة البائدة.

ولكل مذهب أو مجموعة مذاهب أسباب للبروز ونتائج يطمح لتحقيقها داخليا على مستوى البلد الواحد أو خارجيا كالعمل تحت ظل أجندات أجنبية.
 

فقاعة التيارات المتشددة ساهمت في ظهور الاغتيالات السياسية إما من خلال مفهوم التكفير أو من خلال تعميق الهوة بين اليمين واليسار السياسي

عرفت المدرسة السلفية بعدد من الخاصيات التي لا توافق السائد في المجتمعات المتقدمة كقضية الطاعة المطلقة لولي الأمر وغيرها إلا أن المتتبع لأطوار تحركات تلك الجماعات وظهورها من خلال بروز أسمائها وانتشار أخبارها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ أن ذلك مرتبط بالعديد من الجوانب الأخرى كالانتخابات أو استفاقة الشعوب العربية من غيبوبة الجماعات اليسارية وحكومات الظل التي مثلت سرطانا في جسد الدول النامية عامة.
 

وقد تعددت الأسماء والرموز وتميزت بطابع التشدد، ففي تونس نجد أنصار الشريعة وفي مصر حزب النور وغير ذلك من الأسماء، ولكن ظهورها السريع قابله اختفاء أسرع على الساحة السياسية ويمكن اختصار بعض النقاط التي ساهمت التيارات المتشددة في بلورتها:
 

– ساهمت فقاعة التيارات المتشددة في ظهور الاغتيالات السياسية إما من خلال مفهوم التكفير أو من خلال تعميق الهوة بين اليمين واليسار السياسي، ولعل ما حصل من انتشار مقاطع الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي لرموز تحرض على القتل خير دليل ولكن لا أستغرب أن تكون هذه مطية يركبها بعض السياسيين لتشويه الجماعة خاصة والإسلام عامة.
 

– كما أن هذه الجماعات لعبت دورا مهما في تشتيت أصوات الناخبين فبعضهم حرم الانتخابات وآخرون استغلوا عباءة الدين للفوز بجملة من الأصوات لاستغلالها في فترات لاحقة كما هو الحال مع حزب النور السلفي.

زد على ذلك تحريم التظاهر من خلال بعض المشايخ واعتباره فتنة غير محمودة شرعا، لكن ما هو قول الشرع في قتل الأبرياء في أحداث رابعة؟ وهل صمت الجماعات حول الانقلاب مشروع؟

 

– تشويه وسطية الإسلام بين أفراد المجتمع الواحد وروح التسامح من خلال نشر بذور التفرقة والكراهية، ويتجلى هذا الأمر في فتح مواضيع حساسة خاصة في مجتمع ما زال في غربة عن الحضارات المتقدمة، وذلك مثل موضوع النقاب واللحية.
 

ما يبنى على الحق والعدل يدوم، وما يبنى على الباطل يزول ويكون زبدا ولو بعد حين. 

– انتشار نفس القتال والدم في صفوف شباب متعطش ومتحمس يعاني من العديد من النقائص التي تضمن له العيش الكريم، فالعديد من الإحصاءات تثبت أن أعلى النسب في صفوف داعش من دول الربيع العربي.
 

– عدم النجاح النسبي للثورات العربية، فتونس يحكمها من زور الانتخابات سابقا، ومصر يحكمها العسكر نتيجة انقلاب، وأما ليبيا وسوريا فهما فوق بركة دماء.
 

– الغياب التام للجماعات المتشددة بعد سنوات من الثورات، عن المشهد السياسي بل الأدهى والأمر اتصال بعض الأطراف منهم بالكيان الصهيوني.
 

ما يبنى على الحق والعدل يدوم، وما يبنى على الباطل يزول ويكون زبدا ولو بعد حين، ويبقى السؤال حول المستفيد من ظهور هذه الجماعات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.