شعار قسم مدونات

انتخابات المغرب.. تنافس على إيقاع اللامعنى

blog-إنتخابات المغرب

كلما حل موسم الانتخابات بالمغرب؛ وهو بحق موسم ككل المواسم في التقليد الفلاحي حيث تجنى الثمار وتحصد المقاعد، قلت كلما حل موسم الانتخابات في هذا البلد المعطوب سياسيا وسوسيولوجيا؛ تفتقت عبقرية الاستثناء المغربي ليؤكد من جديد، وبحق، طبيعته الاستثنائية، وفرادة نظامه السياسي بين باقي الأنظمة واستعصائه على كل أدوات التحليل السياسي.

لست ها هنا بصدد نقد الأسس الدستورية والتنظيمية لهذه الانتخابات، أو كشف أعطابها في بلد ظل محترفو السياسة فيه يوهموننا منذ ثلاثة عقود على الأقل أنه في مسلسل انتقال ديمقرطي لا نهاية له.

الانتخابات في المغرب تشريعية كانت أم محلية؛ هي تنافس على إيقاع اللامعنى

قلت لست معنيا بهكذا نقد لأن أساطين القانون الدستوري وشكاوى الساسة (أقصد محترفي السياسة) من المعارضة والموالاة قد حملوا عني عبء هذا الجانب، ولست أيضا معنيا بالبحث في غايات النظام من هذه الإنتخابات؛ فقد بات معلوما لدى الجميع أن الأمر لعبة ومسرحية يمسك بخيوطها مخرج بارع يستحق نيل كل الأوسكارات لكنه تعفف عهنا لما علم أن اشتغاله بهندسة المشهد السياسي أكثر تشويقا وأوفر مالا وأنجع في تحقيق المكاسب كل المكاسب: السياسية و الرياضية و الدينية والإقتصادية وما أدراك ما المكاسب الإقتصادية في زمن حولت فيه العولمة الناس في بلداننا كما في بلدان أخرى إلى مجرد عبيد مأجورين لدى حكامها.

إن الذي استفزني وأنا أتابع حمى الاستعداد لجني ثمار هذا الموسم، وجعلني أسلم حقيقة أن المغرب استثناء وأي اسثناء أمران اثنان، وكلا الأمرين يؤكد حقيقة واحدة وهي أن الإنتخابات في هذا البلد تشريعية كانت أم محلية هي تنافس على إيقاع اللامعنى.

فأما الأمرالأول فهو شكوى الجميع من شيء أجمعوا معارضة وموالاة على تسميته بالتحكم، والغريب المثير للدهشة في هذه الشكوى الغريبة أن المعارضة تتهم الأغلبية بالتحكم بينما تدعي الأغلبية أن التحكم وهو في نظرها حزب بعينه يعرقل كل محاولاتها للإصلاح وتنفيذ برامجها التي وعدت بها ناخبيها الذين لست منهم طبعا.

نعم هناك تحكم حقيقي يمارس في الحقل السياسي المغربي بلا شك؛ لكن لا أحد يقوى على تسميته ومصارحة الشعب بمن يتحكم (بالمعنى السلبي للكلمة) فعلا في اللعبة السياسية، بل إن الكل يحاول أن يصرف النظر عنه وإشغال الناس عن أي نقاش بشأنه.

أي معنى للانتماء السياسي والانخراط التنظمي إن كانت قيادة الحزب هي من ستقرر في النهاية من ينبغي أن يمثل الحزب في هذه اللائحة أو تلك؟

وأما الأمر الثاني، فهو خطاب قادة الأحزاب وزعماء اللوائح الإنتخابية وسلوكاتهم السياسية، فما معنى أن يترشح أمين عام حزب كان إلى عهد قريب قياديا في حزب التحكم باسم حزب آخر ليس سوى متزعم الأغلبية وغريم حزب التحكم، الذي هوالعائلة الأولى للمرشح، وذلك كله بغرض محاربة التحكم؟ طبعا لا معنى لذلك سوى انعدام المعنى في السياسة في طبعتها المغربية.

وما معنى أن يقدم هذا الحزب أوذاك على ترشيح أشخاص لاعلاقة لهم البتة بالحزب فكرا ونضالا كرؤساء لوائح؟ أي معنى للإنتماء السياسي والإنخراط التنظمي إن كانت قيادة الحزب المنتخبة كما تدعي هي من ستقرر في النهاية من ينبغي أن يمثل الحزب في هذه اللائحة أو تلك بدعوى عدم قدرة القواعد على حسم خلافاتها بشأن المرشحين من أبناء الحزب؟ .

إلى أن تكون للإنتخابات معنى …. أقصد معنى التمثيل وإفراز من يحكم فعلا لا بهتانا…. إلى ذلكم الحين، عشتم وعاشت سياستكم في عبث.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.