شعار قسم مدونات

ذكرى فقدنا للإنسانية

blog رابعة

ذكرى العام الثالث لفقدنا إنسانيتنا، ذكرى قدوم العسكر على سُدة الحكم بعد إسالة الدم وقتل الأبرياء بعمد ٍ مع سبق الإصرار والترصد، ذكرى قيام مشايخ الفتنة وعمائم الأزهر بتحريض الجنود وحثهم على قتل هولاء المُرتدين المُخربين الرابضين في ميدان رابعة العدوية، ذكرى عام ثالث يمر على شعب اعتاد الانبطاح أمام غشامة وقوة البيادة العسكرية.

يوم المجزرة، ذلك اليوم الذي اتشحت فيه معظم بيوت المعمورة بالسواد حُزناً على فقد ربها ومُعيلها، ولكن كان هناك بيوت ترقص على أنغام "تسلم الأيادي"، هناك بيوت كانت تعلو فيها الزغاريد لتغطي على عويل وآهات الثكالى والمحزونين.

 

هناك شوارب كانت تنطق بكلام من قبيل "إيه وداهم هناك"، و"إفرم يا سيسي دول كلاب مرتدين"

هناك شوارب كانت تنطق بكلام من قبيل "إيه وداهم هناك"، ذكرى من قال "إفرم يا سيسي دول كلاب مرتدين".. يومها حمّلوا القتيل الوزر ورفعوا القاتل السفاح على أكتافهم وظهورهم وخروا له ساجدين ليحمدوه ويقدسوه على ما قام به في حق تلك الجراثيم التي كانت تُطالب بحقها ليس إلا، لم تكن تُطالب بغير حقها.

 

يمر ذلك اليوم وأتذكر تفاصيله ثانية بثانية، يومها استيقظت مبكرا ولا أعلم السبب رغم نومي في ليلتها متأخراً، بدأت بفتح قنوات التلفاز لأجد ذلك المشهد الذي لم أقو لحظة على نسيانه، قنوات النظام تبث الرعب وهي لا تدري.

تبث صوت المدرعات وهي تزمجر إيذاناً بدخول الميدان لتصفية وفرم وقتل كل من يتصدى لها، تبث صوت شخص يحمل مكبر الصوت في مشهد هزلي وهو يحذر من في الميادن من أي محاولة لاستخدام القوة مع تلك الكائنات الوديعة التي أتت لتقتلهم عن عمد لا لتخرجهم من الميدان بسلمية كما زعموا.

 

سئمت من كذب قنوات النظام لأنتقل لقناة الجزيرة وهنا وجدت الطامة الكبرى، وجدت أعداد القتلة في تزايد مع كل دقيقة، هناك تحديث لشريط الأخبار عن قتيل يسقط بطلق قناص أو مصاب يسقط من فرط قنابل الغاز التي أطلقت عليه داخل تلك البقعة التي شهدت وأشهدت العالم على جريمة بشعة في حق الإنسانية، لتشهد أرض رابعة وتُشهد من لايزال يحمل بين ثنايا صدره بعضا من إنسانية على فصل جديد من جرائم العسكر في حق أبناء الشعب المصري.
 

داخل قريتي سمعت عن سقوط قتيل -هو في الحقيقة جاري لا يفصله عن بيتي إلا عدد قليل من البيوت- جاء ابنه في عصر ذلك اليوم ليقص على أهله أنه قد نجى بأعجوبة عندما هرب وقتما استقرت طلقة في صدر أبيه الذي كان يمسك بيده ليحميه، لترديه قتيلاً في الحال، ولم يجد الابن الذي لم يتجاوز وقتها الـ 16 عاما من بد تحت وطأة إطلاق الرصاص المتزايد من كل جانب إلا الهرب، كثُرت التكهنات عن كيفية قتله ومن قتله، نعم كثرت التكهنات عمن قتله وكأنهم لا يعرفون أو يتغافلون عن القاتل!.

 

ثلاثة أعوام وما زالت قنوات الفتنة تبث سمومها في آذان ذلك الشعب الغافل أن الزعيم المُحنك هو سادس الخلفاء وقاهر الأعداء

كنت أُذهل عندما سمعت أن ذلك الجار الذي أشهد له بحُسن الخلق أن يكون مات منتحراً كما ذكر البعض، أو أن يكون من قتلة هم إخوته من الإخوان المسلمين، اجل كان هناك من يتهم الإخوان بقتل بعضهم البعض لأن خير أجناد الأرض – كما يزعمون – ما هم إلا ملائكة أرسلها الله لحماية هذا الشعب الطيب من براثن تلك الجماعة التي كانت تريد حكمهم بالحديد والنار – ذلك الجار لم يدفن يوم وفاته بل بقت جثته بعدما حُرقت داخل الثلاجات إلى منتصف شهر أكتوبر لإكمال تحاليل " DNA " على كل من شكلوا أنه قد يكون القتيل، بعدما تعذر على أشقائه وزوجته وأبنائه معرفة ملامح وجه بعدما طمسها الحريق.

ذكرى العام الثالث على فقدنا إنسانيتنا وما زال القاتل يرتع في الحكم على جماجم القتلة ويُحاكم القتيل على جُرم إٍرتُكب في حقة، إنقلبت الأية فالقتيل مُذنب ومُدان والقاتل بريئ وبطل، القتيل ما زالت تشوه ذكراه على أنه إرهابي مُتعفن حقُ فيه حكم القتل من جند الله الغالبون، ثلاثة أعوام ومازالت قنوات الفتنة تبث سمومها في أذان ذلك الشعب الغافل أن الزعيم المُحنك – القاتل الخسيس – هو سادس الخلفاء وقاهرالأعداء، مُحطم حلم الامريكان والصهاينة في الإستيلاء على مصر، أسر قائد الأسطول السادس، مُرعب القواد وحامي حمى الإنسانية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.