شعار قسم مدونات

لك الله يا شعوب الحرية!

blogs-حرية
لو قدر لنا أن نخرج خارج هذا الكوكب، ونطل عليه من بعيد، لرأيناه صفيحاً ساخناً مشتعلاً، تأتي النيران على معظم أجزائه، وفي كل ثانية سنرى وميضاً هنا أو هناك، ولو دققنا أكثر لرأينا صور الضحايا وأشلاء المظلومين والمقتولين تتوزع بين البقاع، ولرأينا الدماء تنتشر في الأرجاء.
 
لم يكن المستعمر يوماً خيراً على أرض نزل بها، ولم يترك مستعمرة حلّ بها عن طيب خاطر، ولم يكن يخرج دون إحلال الدمار والخراب في شتى البقاع

لم يقدّر لنا أن نرى العالم بهذا الجنون من قبل، ولم نشاهده مشتعلاً من قبل كما هو الآن، وإن كنا قد سمعنا عن حروب سابقة بهذا الشكل أو أكثر ربما، ولكننا لم نعد نجد ركناً هادئاً نركن إليه، إذا ما قررنا للحظة الاعتزال!
 

وإذا ما أدرت الكرة الأرضية بإصبعك الصغير، وحركتها باتجاه وطننا العربي، وأمعنت النظر هناك، لرأيت الحشود العالمية المحتشدة على أرضنا، من كل حدب وصوب، القطرية منها والطائفية، الطامعة منها والمستغلة، ولربما رأيت ما لم نره على هذه الأرض، من أنياب حادة، أو ما وراء الأقنعة الصديقة!
 

لم يكن المستعمر يوماً خيراً على أرض نزل بها، ولم يترك مستعمرة حلّ بها عن طيب خاطر، ولم يكن يخرج دون إحلال الدمار والخراب في شتى البقاع، واستبقاء العملاء والجواسيس حتى بعد رحيله، وذلك استكمالاً لمسيرة الاستعباد واستنزاف المقدرات، وأرض الجزائر وسوريا وليبيا ما تزال شاهدة على ذلك!
 

إعلان

القاتل يستخدم كل الوسائل التي تؤهله للوصول الى هدفه، والتي تمكّن له من الضحية بين بديه، وهنا لا تتوقف الاهداف على القتل، وإنما تتعداها لشرعنة القتل، وتجميله، وتبريره، بل وتحسين صورته في أذهان المؤيدين، كما فعلت أمريكا في العراق من قبل، وفعل السيسي في مصر، وتفعل روسيا اليوم في سوريا.
 

آلة القاتل الإعلامية تصور القاتل على أنه بطل فاتح، جاء لينقذ ملايين البشر المساكين من أهل البلد، والذين كانوا ضحية عنف أو استبداد من دكتاتور أو فئة معينة، وأن هذا الرحيم لم يرف له جفن، أو تغف له عين قبل أن يعبر البحار والمحيطات ليصل إلى الضحايا ويحررهم من المستبد الذي يربض على قلوبهم وأجسامهم، ويحرمهم من حريتهم ويمنع عنهم لقمة عيشهم ويضيق عليهم أرزاقهم!
 

ليس أقسى على الضحية من إعلام كاذب يمتدح القاتل ويبرر فعلته، أو معمّم ذميم يعطي صك الغفران للقاتل ويحثه على المزيد حفظاً للأمن

هذه الصورة الوردية الكاذبة يكررها إعلام القاتل، وهي جزء من المعركة التي تُتلى أخبارها على العالم، لتجمّل الغزو في عيون الملايين، وتجعل القاتل مخلصاً، والمقتول مستبداً طائفياً مقيتاً.
 

هذه الصورة تكررت مراراً، وتم شيطنة المدافعين عن أرضهم وعرضهم، وتم وصمهم بكل ما يخطر على بال المشاهدين من أوصاف ونعوت، من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال.
 

ليس أقسى على الضحية من إعلام كاذب يمتدح القاتل ويبرر فعلته، أو معمّم ذميم يعطي صك الغفران للقاتل ويحثه على المزيد حفظاً للأمن وحفاظاً على سلامة الناس، فكل القتل والتشريد والتعذيب في كفة، وحفنة مرتزقة مأجورة تغرد للقاتل وتجملّه في عيون عالم بليد لا يريد الوقوف في صف الضحية .. في كفة أخرى!
 

فلكِ الله يا شعوباً اختارت طريق الحرية!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان