شعار قسم مدونات

دروس أولمبية

blog أولمبياد

انتهت أولمبياد ريو دي جانيرو البرازيلية ومضى كل إلى بلده محملا بالذهب أو الفضة أو البرونز أو حتى خالي الوفاض. انتهت ألعاب ريو بعد أسبوعين من التنافس في أكثر من لعبة ومسابقة وحانت الآن لحظة التقاط الأنفاس وجرد الحساب واستخلاص الدروس وما أكثرها. أولى تلك الدروس المستخلصة أن العرب لم يبرحوا بعد مربع شرف المحاولة.

 

لماذا العرب لا ينتجون لنا سباحين ماهرين وهم لديهم كل هذه السواحل الممتدة آلاف الكيلومترات؟ لماذا لا نجدهم في الفروسية وهم أكثر ملاك الخيل في العالم؟ لماذا يغيبون عن المبارزة وتاريخهم كله مبارزة؟

كانت حصيلتهم أي العرب في أولمبياد ريو 14 ميدالية ملونة منها ذهبيتان دون احتساب ذهبية وبرونزية لكويتيين دونت مشاركتهما تحت العلم الأولمبي بسبب استبعاد بلدهما من المنافسات الأولمبية وتلك قصة أخرى. هل هذه حصيلة هزيلة بالتأكيد ومن دون تردد هي كذلك. هل يعقل أن العرب وبوفد فاق 500 مشارك لم ينالوا سوى 14 ميدالية أولمبية في مسابقات فردية طبعا لا يعقل علما بأن الولايات المتحدة شاركت بنفس العدد تقريبا لكن أبطالها توجوا ب 121 ميدالية منها 46 ذهبية وهو ما يفوق ما حصل عليه العرب منذ بدء الأولمبياد الحديثة قبل قرن ونيف اذ لم تتجاوز غلتهم 94 ميدالية ملونة.
 

هنا يطرح التساؤل من المسؤول؟ بعض من الإجابة على السؤال تفضل به الأبطال العرب أنفسهم إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. عندما أخفق العداء الجزائري توفيق مخلوفي في حصد ذهبية 1500 عدوا، ونقول أخفق لأن فضية السباق لم تكن طموحه وهو صاحب اللقب الأولمبي في لندن، قال إنه يهدي فضيته للعرب والمسلمين لكنه يستثني المسؤولين عن الرياضة في بلاده وحملهم كامل المسؤولية.

 

صرخة سبقه لها جاره المغربي عبد العاطي اكيدير حين قال صراحة أن المسؤولين في بلاده لم يمكنوه من مستحقاته بعد فوزه بذهبية العالم في اسطنبول داخل الصالات وأضاف أنهم حرموه من مدربه وأن مشاركاته بعد ذلك كانت فقط لحب الوطن وبشروط ذاتية لا ترقى للتطلعات دولية ناهيك عن بلوغ التتويج الأولمبي. هي إذا منظومة فساد تنخر الرياضة العربية وتحول بينها وبين التميز على الصعيد الدولي. حتما هناك حلقة مفرغة إما في المسؤولين عن الرياضة في الوطن العربي وهنا الحديث عن الاتحادات المحلية أو الحكومات وترتيب أولويتها وقد تكون الرياضة ترفا أمام تحديات التعليم والصحة أو الأبطال أنفسهم الذين ربما لا يقدرون على التنافس في مستويات عالية رغم أن هذه الفرضية غير مرجحة تماما.

 

على العرب أن يقفوا أمام أنفسهم ويطرحوا السؤال: ما الذي يجعل مشاركتنا الرياضية دون أمم الأرض؟ وعليهم أن يكتشفوا موطن الخلل وإصلاحه وتفعيل مبدأ المكافأة والمحاسبة

نسوق هذه التساؤلات لنفتح النقاش عن ما يجب تحقيقه حتى ينطلق العرب من شرف المحاولة إلى العمل الجدي ونيل الألقاب والميداليات. لماذا العرب لا ينتجون لنا سباحين ماهرين وهم لديهم كل هذه السواحل الممتدة آلاف الكيلومترات لماذا لا نجدهم في الفروسية وهم أكثر ملاك الخيل في العالم لماذا يغيبون عن المبارزة وتاريخهم كله مبارزة تطالعك من أول بيت شعري لأي شاعر عربي لماذا لا يفوزون بذهب الرماية ولماذا خفت نجمهم في ألعاب القوى بعد أن ظننا أن المسافات المتوسطة والطويلة باتت ملكية عربية بفضل سعيد عويطة ونور الدين مرسلي وهشام الكروج ونوال المتوكل وحسيبة بولمرفة وغيرهم.

 

مسابقات الألعاب الأولمبية ليست شيئا خرافيا أو مستحيلا وبقليل من الجهد وكثير من الإصرار وبمنهج مدروس أكاديمي علمي يمكن بلوغ المراتب العلا ونيل الذهب والفضة والبرونز. نقول هذا لأن سمراء من أمريكا اسمها سايمون بيلز نالت 4 ذهبيات في ريو أكثر من العرب ولأن أمريكي آخر اسمه فيلبس نال 5 ذهبيات في سباحة ريو وهي 23 له على أي حال وهذا أكثر من العرب حتما ولأن العداء الجمايكي يوسين بولت نال 3 ذهبيات أكثر من العرب.حين يتفوق عليك أفراد فمن نافلة القول أن تسبقك دولهم ودول أخرى.
 

على العرب أن  يقفوا أمام أنفسهم ويطرحوا السؤال ما الذي يجعل مشاركتنا الرياضية دون أمم الأرض وعليهم أن يكتشفوا موطن الخلل وتصليحه وتفعيل مبدأ المكافأة والمحاسبة وإلا فلا تستغرب إن وجدت جزر فيجي تسبقك في الذهب الأولمبي والسباح الأمريكي مايكل فيلبس يسبقك بسنوات ضوئيه وبسنوات عمر لا تتجاوز 31 عاما.

 

محصلة هزيلة نعم هل يمكن تداركها في قادم المنافسات نعم كيف السبيل إلى ذلك نقول وبكل بساطة الحسم مع منظومة الفساد والمحسوبية والعمل على إسناد المسؤوليات لأهلها غير ذلك ستبقى ميداليات العرب الأولمبية فردية ونادرة ووهمية أحيانا ينتهي مفعولها بعد أن يجف عرق المتوجين بها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.