وَرَنَوْا إِلى أَثَرِ الأَمِينِ عَلَى الثَّرَى … فَتَأَلَّهُوا
وَشَكَوْا إِلى (مُوسَى) غِيابَ النَّبْعِ …
وَانْكَفَؤُوا على أَرْضٍ بِلا وَعْدٍ
وَوَعْدٍ دُونَ أَرْضٍ
وَانْتَهَتْ بِهِمُ الطَّرِيقُ إِلى السَّرابْ
يَا (سَامِرِيُّ) رَأَيْتُ عِجْلَكَ … لا خُوارَ لَهُ … وَلا زَبَدٌ
وَلَكِنَّ القَطِيْعَ أَمامَهُ خَشَعُوا
عَلَى أَذْقَانِ أَوْهامِ الهَوَى خَرُّوا سُجُودًا
مُذْ رَأَيْتُ نِسَاءَهُمْ جَمَعُوا لَهُ ذَهَبَ العُقُولِ
وَأَوْرَثُوهُ مَا تَبقَّى مِنْ ثِيابْ
وَاحْمِلْ إِلى اللُّقْيَا سُؤَالَ العَقْلِ … وَاحْذَرْ نَشْوَةَ الأَرْواحِ حِيْنَ يَجِيْئُكَ الوَسْوَاسُ … وَاسْأَلْ كُلَّ حُلْمٍ حِيْنَ تَشْرَبُ مَاءَهُ: هَلْ تِهْتُ أَمْ تَاهَ الدَّلِيْلُ … |
وَمَضَيْتُ وَحْدِي …
قَاطِعًا صَحْرَاءَ وَجْدِي …
لابِسًا كَفَنَ الحَياةِ …
مُيَمِّمًا نَحْوَ اليَبابْ
حَتَّى إِذا جَاوَزْتُ حَدَّ الحَرْفِ …
مِلْتُ إِلى بَقايا المَيِّتِيْنَ بِبَعْضِ ما فِي الشِّعْرِ مِنْ رُؤْيا
فَجَاؤُوا يُهْرَعُونَ كَأَنَّهُ يَوْمُ الحِسابْ
قالَ الحَكِيْمُ لِصاحِبِي: لا تَقْطَعِ الصَّحْراءَ مَشْيًا …
لا يَغِبْ بَحْرُ الحَقِيْقَةِ عَنْكَ … وَاخْزِنْ قَطْرَتَيْنِ
إِذَا أَرَدْتَ بُلوغَ خَاتَمَةِ العَذابْ
وَاحْمِلْ إِلى اللُّقْيَا سُؤَالَ العَقْلِ …
وَاحْذَرْ نَشْوَةَ الأَرْواحِ حِيْنَ يَجِيْئُكَ الوَسْوَاسُ …
وَاسْأَلْ كُلَّ حُلْمٍ حِيْنَ تَشْرَبُ مَاءَهُ:
هَلْ تِهْتُ أَمْ تَاهَ الدَّلِيْلُ …
وَهَلْ رَأَى قَلْبِي السَّبِيْلَ إِلَيْهِ أَمْ ضَلَّ السَّبِيْلُ …
وَهَلْ صَوَابٌ مَا فَعَلْتُ أَمِ الصَّوابُ لَدَيَّ قَدْ فَقَدَ الصَّوابْ ؟!!!
وَهَلِ الرُّؤَى دَرْبُ النَّبِيِّ إِلَى النُّبُوَّةِ ..
هَلْ أَنَا أَدْرَكْتُ يَوْمًا مَا أَنَا …
شَكِّي يَقِيْنِي … أَمْ أَنا فِي داخِلِي غَيْرِي
وَهَلْ سَكَتَتْ كِلابُ الشَّكِّ عَنْ نَبْحِي …
وَهَلْ تَقِفُ الحَقِيْقَةُ مِثْلَ رُمْحٍ فِي قُلُوبِ المُنْكِرِيْنَ …
وَهَلْ … وَهَلْ … ؟!!!
مَا شِئْتَ فَاسْأَلْ … لا جَوَابَ
فَإِنَّمَا قَلَقُ السُّؤَالِ هُوَ الجَوابْ
********
أَوَّاهُ … مَا صَنَعَ الغِيابُ بِنا … لَنَا
لَوْ كانَ لِي قَلْبٌ لأَفْقِدَهُ فَقَدْتُكَ يَا أَخِي
لَوْ كانَ لِي يَدُكَ الَّتِي حَرَّرْتَنِي مِنْهَا
لَجِئْتُكَ رَاضِيًا وَأَطَعْتُ صَمْتَكَ فِي غِيابِكَ يَا أَخِي
أَوَّاهُ مَا صَنَعَ الغِيابْ !!!!
أَنَا يَا أَخِي … عِشْرُونَ جُرْحًا فِي هَوَاكَ نَزَفْتُها …
مَا جِئْتَ فِي المِيْقاتِ … مَا كَلَّمْتَنِي …
فَعَلامَ تَأْخُذُنِي بِذَنْبِ سِوايَ حِيْنَ يَلِجُّ صَوْتُكَ بِالعِقابْ
فَبِحَقِّ مَنْ سَوَّى (سَدُوْمَ) … وَمَنْ تَجَلَّى فِي ظِلالِ الطُّورِ
(لا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ …)
مَا زِلْنَا عَلَى (العَهْدِ القَدِيْمِ) …
وَإِنْ تَكُنْ نَهَشَتْهُ أَسْرَابُ الذِّئابْ
أَنا يَا أَخِي … لَكَ … ظِلُّكَ المَجْرُوحُ ..
فَاحْمِلْنِي إِلى شَجَرِ التَّلَقِّي …
لا تَقُصَّ عَلَى سِوايَ حِكايَةَ الجَبَلِ المُعَذَّبِ …
فَالكِلابُ هِيَ الكِلابْ
جُرْحانِ مُذْ جِئْنَا … وَمَا سَكَتَ النَّزِيْفُ …
وَلا اسْتَرَحْنا مِنْ أَمَانَتِنَا …
وَكُنْتُ جِدَارَكَ الغَيْبِيَّ … مَا انْفَصَمَتْ عُرَاهُ …
وَكُنْتُ قَوْلَكَ فِي الخِطابْ
وَخَلَوْتُ لِلْقَدَرِ الخَفِيِّ …
فَلا حَسِيْسَ … وَلا رَسِيْسَ … وَلا أَنِيْسَ …
سِوَى نُجُومِ القَلْبِ تَسْطَعُ فِي سَمَاءِ العُمْرِ … تُؤْذِنُ بِالخُفُوتِ …
فَيَا إِلَهِي: مَا تَبَقَّى لِي مِنَ الأَحْزَانِ كَيْ أَمْشِي إِلَيْها …؟!
كَيْفَ تَحْتَجِبُ الرُّؤَى عَنِّي ….؟!!
وَكَيْفَ أَرَاكَ مِنْ خَلَلِ الحِجابْ …؟!!
وَسَأَلْتُ: يَا (مُوسَى) أَمَا مَلَّ الطَّرِيْقُ …
أَمَا مِنْ فُرْصَةٍ أُخْرَى لِعَيْشٍ آخَرٍ … فِي غَيْرِ هَذَا الزَّيْفِ
هَا أَنَا قَدْ وَهَنْتُ … وَهِئْتُ … وَاشْتَعَلَ المَشِيْبُ مَعَ الشَّبابْ
نَمْ فِي السَّرِيْرِ مَعِي، وَلا تَأْكُلْ طَعامِي …
حِيْنَ نَدْخُلُ … فَهْيَ فُرْصَتُنا الأَخِيْرَةُ لِلْفِراقِ وَلِلْعِناقِ …
لَسَوْفَ نَخْلُدُ لَحْظَةً لِلنَّوْمِ فَوْقَ سَرِيْرِ نَكْبَتِنَا …
وَوَحْدَكَ سَوْفَ تَرْجِعُ فَاسْتَفِقْ …
جِئْنا مَعًا … وَأَمُوتُ وَحْدِي …
حِيْنَ يَرْتَفِعُ السَّرِيْرُ بِهَيْكَلِي نَحْوَ السَّحابْ
إِنْ عُدْتَ مَثْقُوبَ الفُؤادِ … تَجُرُّ أَحْزَانَ الدُّهُورِ …
وَتَمْتَطِي صَهَواتِ بُؤْسِكَ … لابِسًا شَجَرَ الفَجِيْعَةِ …
لا تَقُلْ: قَدْ مَاتَ … قُلْ: قَدْ نَامَ …
وَاسْتَمَعَ النِّداءَ إِلى نِهاياتِ الحِكايَةِ وَاسْتَجابْ
في التِّيهِ … بَعْدَ التِّيْهِ … يَبْدَأُ (يُوْشَعُ) المِشْوارَ غَايَتُهُ كَكُلِّ العَاشِقِيْنَ … فَتَاةُ أَحْلامٍ تَمَنَّعُ وَهْيَ تَرْفُلُ فِي النَّعِيْمِ وَفِي الجَحِيْمِ … |
أَنا يَا أَخِي … أَنا أَنْتَ …
إِمَّا مِتُّ مِتَّ …
فَلا تُؤَجِّلْ مَوْعِدًا لِخَلاصِنا …
وَاتْرُكْ ذَرَارِي العِجْلِ فِي أَهْوائِهِمْ (مِنْ كُلِّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ) …
وَآتِنا آياتِنا …
وَارْحَلْ بِها وَبِنا فَقَدْ حُمَّ الكِتابْ
وَاعْهَدْ (لِيُوشَعَ) بِالمَسِيْرِ (لأُورْشَلِيمَ) …
فَنَحْنُ خَذَّلَنا الجُنُودُ
تُراهُ يَبْلُغَها بِهِمْ …؟!
أَمْ سَوْفَ يَنْتَظِرُونَ طَاعُونًا جَدِيْدًا كَيْ تَذِلَّ لَهُ الرِّقابْ
فِي التِّيْهِ قَضَّيْنا نَضَارَةَ عُمْرِنا …
مِنْ أَجْلِ مَنْ بَاعُوا لَنا أَسْماءَنا …
وَتَفَنَّنُوا فِي مَضْغِ مَاسَةِ صَبْرِنا …
هَا نَحْنُ نَقْضِي وَحْدَنا …
اللهَ مَا أَقْسَى وَمَا أَحْلَى النِّهايَةَ …
هَذِهِ الصَّحْرَاءُ تَلْعَنُ كُلَّ مَنْ دَخَلُوا بِها …
وَتُمِيْتُهُمْ عَطَشًا …
وَفِي أَفْواهِنا لَذَّ الشَّرابْ
فِي التِّيهِ … بَعْدَ التِّيْهِ …
يَبْدَأُ (يُوْشَعُ) المِشْوارَ
غَايَتُهُ كَكُلِّ العَاشِقِيْنَ …
فَتَاةُ أَحْلامٍ تَمَنَّعُ وَهْيَ تَرْفُلُ فِي النَّعِيْمِ وَفِي الجَحِيْمِ …
وَلَيْسَ يُسْعِدُها وَيُشْقِيها
سِوى لَمْعِ الأَسِنَّةِ وَالحِرابْ
فَاحْمِلْ إِلَيْها يا فَتَى الأَحْلامِ قَلْبَكَ …
وَاتْبَعِ الجُرْحَ القَدِيْمَ
وَصَلِّ فِي السَّاحِ الطَّهُورِ
وَأُمَّهُمْ فَلأَنْتَ … أنتَ إِمامُهُمْ …
وَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ الحُبِّ
إِنَّ اللهَ يَأْذَنُ بِالإِيابْ
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.