شعار قسم مدونات

كل الطرق تؤدي إلى سقوط الأسد

blogs - asad

قبيل المحاولة الانقلابية التي وقعت في تركيا في الخامس عشر من شهر يوليو/تموز الماضي غمر الجمهور والدول الموالية لنظام بشار الأسد شعور بأن الدولة التركية مقبلة على سياسة جديدة سيستفيد منها بشار أو بعض أركان الحكم، وبعد محاولة الانقلاب بات هذا الانطباع انتصارا وشعوراً بالزهو عند أصحاب هذا الفريق، لكنه لم يدم سوى بضع ساعات. وبعد أن احتوت إدارة أردوغان الانقلاب وأفشلته، بل وحتى بالغت في ردات الفعل عبر الاعتقالات التي طالت الكثيرين، ظهر أردوغان بسياسة أكثر حزماً في التعامل مع جميع الأعداء حتى من غير المرتبطين بالانقلاب ومنهم بشار الأسد وبعض الذين يمثلونه وتربطهم به مصالح في تركيا مثل علويي لواء إسكندرونة.

لم يتعظ نظام الأسد كثيراً من تجربة الانقلاب الفاشل وسياسة ما بعد الانقلاب التي اتبعتها إدارة أردوغان، فقام بالتقدم باتجاه حلب ليطبق الحصار على مئات الآلاف من المدنيين، إلا أن السحر انقلب على الساحر وتمكنت المعارضة من استرجاع ما خسرته، أضف إلى ذلك بعض الثغور التي لم تكن تسيطر عليها سابقاً.. هذه العملية التي قامت بها المعارضة لم تكن لتترجم لولا الدعم الأردوغاني.
 

الرئيس المقبل لأميركا لن يكون كأوباما في سلبيته تجاه سوريا، وسيكون هناك بالتأكيد إدارة أكثر حزماً في التعامل مع بشار الأسد تضع حداً لكابوس المذبحة السورية

أما اليوم فلقاء أردوغان ببوتين وظريف ليس كلقاء بشار الأسد ببوتين الذي كان لقاء بين تابع ومتبوع، بل هو لقاء قادة دول مع رئيس قوي لم يلبث أن خرج منتصراً من تحد كبير، كما أنه يمثل المصالح التجارية الضخمة لتركيا مع روسيا وإيران. أما بشار الأسد فهو بالنسبة لروسيا رئيس ميليشات فاقد السيطرة والسيادة على غالبية أراضي الدولة السورية. فأردوغان اليوم يتحدث من موضع قوة قد لا يخلو من بعض الثغرات كالقصف الروسي الهمجي على إدلب وحلب، وإن وضعنا رجلا مثل أردوغان مع رجل مثل بشار في الميزان الروسي والإيراني للمصالح سيكون هذا كفيلاً ليس بإسقاط الميزان بسبب الثقل التركي وحسب بل بإسقاط بشار الأسد ذاته.

المرحلة المقبلة لن تكون بصالح الدولة الأسدية بكل تأكيد، فهذه الدولة المفلسة اقتصاديا وأخلاقيا لن تتمكن من تنفيذ رغبة غربية جامحة بالقضاء على داعش، ولا حتى في إعادة الاستقرار لبلد كانت هي السبب في الفوضى والخراب والدمار فيه، والتي قلما تجد دولة في العالم لم يصبها شرارة منه، فالأسد الضعيف والذي لم ينقذه الضخ الإيراني والروسي خلال السنوات الخمس الأخيرة لن يكون بكل تأكيد مفتاحا لحل الأزمة، بل شوكة يريد الجميع التخلص منها، لكن كل بطريقته.
 

ولعل النافعة الثانية على السوريين غير الانقلاب الفاشل في تركيا، هو انتخابات الرئاسة في الولايات الأميركية، والتي سنعرف نتيجتها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فسواء أكانت هيلاري ونائبها المناوئان للأسد وإيران والذين يتوعدون بإزاحة الأسد، أم دونالد ترامب الذي لا يختلف كثيراً عن هيلاري بنظرته إلى الأسد الذي قال عنه "بشار الأسد ولد سيئ"، لا بل قد تحمل إدارة ترامب مفاجآت أكبر ضد المحور الإيراني في المنطقة، أي كان، فإن الرئيس المقبل لأميركا لن يكون كأوباما في سلبيته تجاه سوريا، وسيكون هناك بالتأكيد إدارة أكثر حزماً في التعامل مع بشار الأسد تضع حداً لكابوس المذبحة السورية.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان