دم مسكوب بسادية استثنائية بل باحتفالية طقوسية موغلة في الهمجية، أجساد مظلومة متفحمة منثورة بتجبر يسحق كل القيم، آلاف الشهداء الأبرياء والأسر المكلومة، جنرالات بلداء سلطويون يقهقهون ويرفعون كاسات مترعة بالدماء، يشربون نخب سحق الشعب والغدر بثورته المبهرة وقتل المجال العام، يرتلون تعاويذ انتصار الثورة المضادة، نخب تتراقص بشغف إجرامي على لحن الخسة والخذلان، تعلن دعمها الوقح لانتهاك حق الإنسان في الاحتجاج والرفض، تنزع صفة الإنسان عن المخالف في حالة نادرة من تجمد الضمير وموت المنطق.
تلك مجزرة رابعة وليست فقرة من قصة خيالية قديمة عن تاريخ البشاعة البشرية، المجزرة التي وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث، الجريمة التي أعلن فيها العسكر في مصر المنكوبة، عن تجديد استعدادهم الآثم لاستباحة دم شعبهم حين يخالف رغباتهم المجنونة المسكونة بالتعطش للسلطة ولو على حساب تكديس جبال من الجثث والصعود عليها وصبغ النيل بدماء الشعب الحمراء.
| رابعة كمجازر بشار والكيان الصهيوني هي حلقات من الدم العربي المسكوب من أجل واقع أفضل، وقصة تنبئنا بمدى تجبر العصابات الدكتاتورية المتحكمة في الفضاء العربي |
رابعة ذكرى ونقطة فاصلة في تاريخ مصر الحديث، مصر التي وصفها "مركز القاهرة" بأنها لم تعد آمنة لأحد، بل كانت نقطة مفصلية في تاريخ الربيع العربي، كانت تأسيس جديد لفقدان الأمل، ذكرى المجزرة الحزينة، تذكرنا بالأثمان التي دفعتها الشعوب العربية من أجل معركة الكرامة والحرية تلك الضريبة التي لا تزال هذه الشعوب تدفعها، فيبدو أن ذلك قدرها.
رابعة كمجازر بشار والكيان الصهيوني هي حلقات من الدم العربي المسكوب من أجل واقع أفضل، وقصة تنبئنا بمدى تجبر العصابات الدكتاتورية المتحكمة في الفضاء العربي، العصابة التي يشبه النضال ضدها؛ النضال ضد المستعمر الأجنبي، فالإنسان في المنطقة العربية، يخوض اليوم معركة استقلال ثانية، فالديكتاتوريات العربية لا تختلف عن الاحتلال الأجنبي بل تفوقه همجية،أحيانا كثيرة.
ثلة من العصابات التي تحتقر الشعوب وتنهب ثرواتهم، تنكل بمن يرفض الاستعباد؛ لا تتوانى عن ضربه بالبراميل المتفجرة وحرقه بأعصاب مثلجة، لذلك ترتفع الأثمان في أوطاننا، فعسكر العرب نسخة عالية التركيز من الطغيان والتجبر، والأزمة الأشد هي أن المواطن في الدول العربية يقاسي وحيدا في معركة التحرر بدون نصير حتى أن الكثير من نخبه تخونه بحقارة، تقف مع الطغاة وتنظر لاستباحة الدم، تتعالى على شعوبها، تنظر لهم نظرة دونية بالية.
رابعة جرح غائر في قصة البشر، جرح يخدش ما تبقى من روح انسانية، ينغص وجدان صاحب أي ضمير ينبض، يفضح كل يوم الحثالة "النخبوية" التي تبرر قتل البشر؛ رابعة كمجزرة تياننمن ومجاز الكيان الصهيوني وجرائم أميركا والروس وداعش والنازيين قبلا، هي حلقة أخرى من ظلم وتجبر البشر، تقدم الانسان في أبشع تجلياته، وتأملها، يشتت العقل ويجعل الفرد يتمنى مع صديق لي، قيام ثورة في الكوكب، ثورة ضد البشر لانتزاع السيادة منهم، ثورة أبطالها الحيوانات وبقية الكائنات الحية في الكوكب البشع بأفعالنا نحن البشر الأوغاد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.