شعار قسم مدونات

يذكرُها النّاس .. يقال لها انتخابات

blogs demoqracy
وسط حوارٍ فكريّ بشأن جَدْوى العمليّة الديمقراطيّة في العالم العربيّ عموماً وفي فلسطين خصوصاً دار سؤالٌ عن ضرورة إجراء الانتخاباتِ في الأراضي الفلسطينيّة ما دامت تحيا ضمنَ ديمقراطيّة اللون الواحد أسوةً بالعالم العربيّ ، وفي خضّم وسط شعبيّ بات غيرُ مؤمنٍ بالديمقراطيّة كنظامِ حكمٍ لعدمِ احترام نتائجه صدرَ الإعلان بإجراء الانتخابات المحليّة في فاسطين في الثامن من تشرين اول .

لا اعتقدُ أنّ المفهوم الديمقراطيّ يقتضي أن لا تجري الانتخابات الّا متى كان الحزبُ الذي يملكُ مقاليد الأمور مؤهلاً لاجراءها ومهيئاً للفوز بها

بَدا الإعلانُ الذّي رَوّجَ للانتخابات المحليّة في فلسطينَ كنصرٍ تجنيه المؤسسة الرسميّة، فبات هذا الاستحقاق الديمقراطيّ ورقةً تحملها المؤسسة الرسميّة لتعزيز شعبيتها التي فقدت منها الشيء الكثير على مدار ما زاد عن العقدين عقب قدوم السلطة الفلسطينية اثر توقيع اتفاقيّة اوسلو ؛ ولعلّ السبب في اعتقاد المؤسسة الرسمية انها تجني نصراً هو انفرادها في خوض هذه الانتخابات في الانتخابات التي جرت في العام 2012 وما اعتقدته هذه المرة، ما يضع الشرعيّة الشعبيّة مجدداً بين يديها لاتمام ما تشاء من مشروعات داخليّة ونشاط سياسيّ – في غرفة الإنعاش- وسط هذا القبول الشعبيّ المفترض.

ولعلّ هذه الحالة من "ديمقراطيّة اللون الواحد" الذي تعيش الاراضي الفلسطينيّة ما وصفته مراراً وعقب كل انتخابات بالطالب الذي يتقدم للامتحان في الفصل الدراسيّ لوحده ويحصل على المركز الثاني؛ فهذا ما حصل مثلاً عندما نافست قائمة منظّمة التحرير مرشحاً شكّل قائمةً منفرداً وتفوّق على فصائل المنظمة مجتمعة في انتخابات 2012 ، وهذا ما حصل في بعض الانتخابات النقابيّة عندما فشل الفصيل الاكبر في منافسة مرشحيّن مستقليّن، فكان يحوز المركز الثاني.

لعلّ ما قلب الموازين هذه المرّة هو اعلان التيّار الاسلاميّ عزمه المشاركة في الانتخابات، بالرغم من عدم وجود جسم قياديّ له، ما خلط الأمور مجدداً، كان هذا التيّار عقلانيّاً عندما صرّح أنه لا يعارض تشكيل قوائم وطنيّة موحدة للعمل على النهوض بإطار الخدمات ، وكان عقلانيّاً أيضاً متصالحاً مع نفسه لإدراكه عدم القدرة على تشكيل قوائمَ انتخابيّة لهبوط سقف الحريّة كثيراً .

إلا أنّ عدم قدرة حزب الدولة على فهم معنى الديمقراطيّة على ضوء تصريحات وردت على لسان قادته ، منها مثلاً ما جاء مؤكداً على عدم اجراء الانتخابات لعدم الجاهزيّة لخوضها من خلال الدعوة الى عدم اجراء الانتخابات ، ومنها ما صرح به بأنها مؤامرة تخوضها المعارضة مع العدوّ للانقضاض على هذا الحزب يجعل تساؤلاً كبيراً يدور في ذهن المواطن من خلال وقائع تشير الى ان ما يدور لا يُمكن بحالٍ أن يوصفَ بالعمل الديمقراطيّ لاسبابٍ عدّة لعلّ أهمها:-

– لا اعتقدُ أنّ المفهوم الديمقراطيّ يقتضي أن لا تجري الانتخابات الّا متى كان الحزبُ الذي يملكُ مقاليد الأمور مؤهلاً لاجراءها ومهيئاً للفوز بها، لعلّ هذا الأمرُ الوحيد الذي أملكُ أن افهمه من التصريحات المشار اليها، ولعلّ هذا ما يشير الى ان المنافسة ازاء ذلكَ لنْ تكونَ متوازنةً البتّة.

وما زلت أتساءل في قريرةٍ نفسي ، هل هذا الحدث -المتشابه في كلّ دولنا العربيّة – يُمكنُ أن يُسمّى ديمقراطيّة؟!

-كما انّ الانتخابات التي تفرز برلماناً أو مجلساً محليّاً تملك جهة تنفيذيّة حلّها لا يمكن ان تمثّل عمليّة ديمقراطيّة البتّة ، وهذا هو الحال في بعض الدول العربيّة التي يملك فيها حاكم البلاد حلّ البرلمان ، وهذا هو عين التعديل الذي أُقحم دون سندٍ من القانون الى قانون انتخاب المجالس المحليّة الفلسطينيّ الذي اعطى مجلس الوزراء الحقّ في حلّ هيئات محليّة دون ضوابطَ معيّنة وهذا عين ما جرى بحقّ مجالس انتخابيّة حاز التيّار الاسلاميّ على مجالسها بالانتخابات وحلّ مجلس الوزراء هذه المجالس بناءً على هذا القانون.

يعتقد التيار الاسلاميّ قدرته على الحصول على اغلبيّة مريحةٍ في الانتخابات المحليّة مستنداً بذلك الى قدرته على توحيد صفوفه وقدرته على الدفع بوجوه شابّة تتصدر المشهد ، كما يستند الى غالبيّة شعبيّة تتبنى مشروعه السياسيّ ساندته على مدار اكثر من جولة في انتخابات مجالس الطلبة في ظلّ الظروف التي يحياها.

بينما يجزم التيار الحاكم عدم قدرته على الحصول على نسبة جيدة في هذه الانتخابات، ذلك ان مشاركة التيار الاسلاميّ قلبت الموازين ، واخفاقه في تقديم الخدمات والسخط الشعبيّ من ذلك كانقطاع المياه والكهرباء المتكرر ، والسبب الأهمّ عدم قدرته على تشكيل قوائم انتخابيّة ما كان السبب الاهم لتصريحات قادة هذا التيار ، بل السعي لترشيح وجوهٌ شعبيّة محسوبة على التيار الاسلاميّ لرئاسة قوائمها في الانتخابات ما اثار حفيظة المناصرين لهذا التيّار بالنعيِ أن ليس هناك من يترأس قائمته ويرضي الشارع المحليّ .

نشرت عبر صفحتي عبر الفيس بوك اقتراحاً على ذلك التيار بطرح عطاءٍ على المواطنين لمن يرغب بتقديم عرضٍ لرئاسة قوائمه في الانتخابات حتى لا يتكرر اخفاقه في كل انتخابات وان كان ممثلاً بها وحده ، الا انّ القول بعدم إجراء الانتخابات كان الحديث الاعمّ لهذا اليوم .

وما زلت أتساءل في قريرةٍ نفسي ، هل هذا الحدث -المتشابه في كلّ دولنا العربيّة – يُمكنُ أن يُسمّى ديمقراطيّة؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.