شعار قسم مدونات

هل فعلا أصل الإنسان قرد؟

blogs - monkey

هذا السؤال لا يصلح إلا في شهر أغسطس/آب.. هذا ما مر برأسي عندما قرأت النقاش الدائر على إحدى المواقع العربية بين أنصار نظرية دارون ومعارضيها، ولكن هذا خارج عن الموضوع..!!

ودعني هنا أعتذر للقارئ سلفا، إذ يبدو أن حالة الوحدة التي أعيشها حاليا ومعاناتي من اضطرابات في النوم، تجعلني أدخل كلاما على آخر، كمن يدخل السردين في بطنه على العسل، أو العكس!

يقول أحدهم إن هناك موجة من الإلحاد تنتشر بسبب تراجع الوازع الديني وفساد جيل الشباب. وأنا أعتقد أن هذا الإلحاد مرده الظلم الهائل الذي يقع وعندها لا يملك الشباب الحائر سوى أن يسأل: أين الله؟

النقاش مع مؤيدي نظرية دارون ومعارضيهم أيضا يشبه تناول السردين، فأنت في البداية عندما ترى العلبة وقد رسمت عليها السمكة الممتلئة مع شريحة الطماطم وقرن الفلفل الأحمر يسيل لعابك كشلال، ولكنك بعد أن تنهي أكلها وتدرك أن طعمها متوسط وأن رائحتها شنيعة، لا تملك سوى أن تعض أصابعك ندما، لتختنق وأنت تفعل برائحة السردين.

كذلك النقاش مع هؤلاء، فأنت تريد أن تخبرهم أن الأمر ليس بحاجة لإثبات علمي ولا براهين، ولا بحاجة لأخذ النصوص القرآنية الكريمة وتحميلها ما لا تحمله وتأويلها في سبيل إثبات خطأ دارون. وبعد أن تنهمك في النقاش مع أي من الفريقين برغبة شديدة فإنك لا تلبث أن تشعر بشعور كريه كالذي يراودك بعد تناول السردين.

كما أخبرتكم، ها أنا قد خرجت عن الموضوع، وتكلمت عن السردين بعد أن تكلمت عن شهر أغسطس.. ولكنني نسيت.. لماذا أغسطس تحديدا؟

أغسطس عام 2013 كان سيئا بالنسبة لي، وكنت وحدي في مسكني، وكان اضطراب النوم لدي يصل حد الاستيقاظ عشر مرات في الليلة، ويوم الأربعاء 14 أغسطس استيقظت على أخبار مجزرة رابعة، وكانت صور الجثث المحروقة والجرحى الذين تجرفهم الجرافات كأنهم أكياس قمامة تصل أولا بأول.. ولكن هذا أيضا خارج عن موضوع دارون!

دارون.. هل كان ملحدا؟ يقول أحدهم على فيسبوك إن هناك موجة من الإلحاد تنتشر، وإن هذا ناجم عن تراجع الوازع الديني وفساد جيل اليوم من الشباب. ولكن أنا أعتقد أنه مخطئ، فهذا الإلحاد مرده الظلم الهائل الذي يقع في سوريا والعراق ومصر وغيرها، وعندها لا يملك الشباب الحائر سوى أن يسأل: أين الله؟

هل يمكن لقرد أن يقصف أطفال عشيرته بالكيميائي كما فعل بشار الأسد؟

ولكن هذا أيضا خارج عن الموضوع..!!
يجب أن أركز في دارون، الذي يقول البعض إنه قال إن الإنسان قد تطور من قرد، وهناك أدلة تدعم أقواله، بينما توجد أخرى تعارضها، ولكن مروجي نظريته حاليا لا يهمهم إن كانت صحيحة أم لا، بل الهدف الحقيقي لديهم هو استهداف التدين والقيم الإسلامية السامية كدفع الظلم وإقامة العدل، والتي سوف تنعدم الحاجة إليها إذا كنا مجرد قرود في غابة.

ومع أن البعض يقول إن دارون لم يقل من الأساس إن أصل الإنسان قرد، بل قال إن التشابهات التشريحية بين الإنسان والقردة ترجح أنهم قد تطوروا من سلف واحد، وهو أمر يختلف تماما، كما يختلف يوم الأربعاء 14 أغسطس عن الأربعاء 21 أغسطس من عام 2013.

يومها كنت وحيدا أيضا، وتقريبا بحلول هذا التاريخ لم أعد أستطيع النوم أبدا، ولكنني في الصباح هُيئ لي أنني نمت قليلا، وعندما استيقظت كانت أخبار الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق وصور الأطفال وهم يحتضرون تتوالى..!! ولكن هذا أيضا خارج عن الموضوع.

أتدري؟ أنت محق، أنا بحاجة للنوم، ولكن يا عزيزي.. ريثما أتمكن من النوم أريد أن أؤكد لك: لست بحاجة لإثباتات، فأنا متأكد تماما أن دارون أحمق مأفون، وأن نظريته بأن أصل الإنسان قرد ضرب من الجنون، إذ هل يمكن لقرد أن يحرق أبناء فصيلته العزل في الغابة على الأشجار ثم يجرف جثثهم ويلقيها في مكب النفايات كما فعل السيسي؟

وهل يمكن لقرد أن يقصف أطفال عشيرته.. القردة الصغار.. بالكيميائي كما فعل بشار الأسد ويستمتع بهم وهم يعانون اختلاجات الموت كالصراصير؟
لا أظنني خرجت فعلا عن الموضوع، لأن هذا فقط هو الموضوع!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.