شعار قسم مدونات

القيادة.. منحة أم لعنة؟

blogs 22
لو قدّر لك يوماً أن تقود فريقاً أو جماعة أو بلداً فهل ستعتبر هذا بمثابة منحة السماء لك، أم هي لعنة أرضية حلّت عليك لتنغص عليك صباحاتك وتنكد عليك مساءاتك؟!

يختلف الناس في تقبلهم لأدوار القيادة ويتفاوتون في خطب ودها بين راغب مقبل، ومستعفف مدبر، وبينما هم في هذه الحالة تمضي الحياة في طريقها، ويسير الناس في أعمالهم وأشغالهم.

أن تنجح في توجيه عمل مجموعة من البشر نحو هدف واحد، فهذه مهارة فذة

لم يعش الناس يوماً فيما مضى بدون دليل هاد، أو مرشد موجه، ولم تغب شمس القيادة يوماً على النحو الكامل، وإن حصل كسوف هنا وهناك.

وأن تعتلي سلم القيادة وتجلس على كرسيها فهذا يعني أنك في واجهة الاتهام والقذف، وأنك في موضع الهدف ومرمى السهام، تضربك العيون، وتتجرأ عليك الألسن، ولا تزال المجالس تذكرك بخير قليل وشر كثير!

كما قال ابن حزم الأندلسي "من تصدر لخدمه العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس، لأنه لا محالة مشتوم، حتي وإن واصل الليل بالنهار".

وبعض الناس لا يفتؤون يذكرون غيرهم بسوؤاتهم، ولا يتورعون عن شتمهم والتقليل من شأنهم، وكما قال الشافعي "من ظن أنه يسلم من كلام الناس فهو مجنون".


وبينما تجلس العقول الكبيرة لتناقش الأفكار العظام وتحللها وتضيف إليها، تجلس العقول الصغيرة لتقدح في الأشخاص وتتلاوم فيما بينها وتقرّب وتبعد.
 

لا شك في أن بناء فريق عمل مميز وتوجيهه إلى تحقيق أهدافه هو من المهارات التي يمتلكها قلة من الناس، وإن مارس هذا العمل كم كبير منهم، ولكن أن تنجح في توجيه عمل مجموعة من البشر نحو هدف واحد، فهذه مهارة فذة، وقدرة تدل على أنك قائد مميز. مع اليقين بأن قدرتك وتميزك هذا لا يعني أنك ستسلم من كلام الناس وعتابهم، أو تحميلك أخطاء الطريق ومشقاته، بل وربما أخطاء غيرك ونتائج عملهم، وهذه فطرة بشرية معروفة.

الأتباع صنفان: صنف مبادر يحب عمله ويسعى للإتقان، وصنف لا يبادر ويعمل على ردة الفعل

خلال رحلتك في قيادة الفريق ستواجه صنفين من الأتباع، الأول صنف مبادر، يحب عمله ويسعى إلى الإتقان، ويحب خدمة الآخرين، ومساعدتهم للوصول إلى أهدافهم، وفي نفس الوقت فهو لا يبخل على القائد بالنصح والمساندة والمساعدة في تحقيق الأهداف.

وأما الصنف الثاني، فهو عكس الصنف الأول، يعمل على ردة الفعل ولا يبادر، ويعطي بقدر ما يأخذ، وربما أقل. يهتم بمصالحه غالباً ولا يهمه مساعدة الآخرين. ومشكلة هذا الصنف الحقيقية أنه لا يتحمل المسؤولية، ولا يعترف بالأخطاء، بل ويرمي بالنتائج الخائبة على من هم أدنى وأعلى منه، وخاصة قائده.

لذا سوف تجد هذا الصنف يلومك ويتحدث عنك في ظهرك، غير مبالٍ بما قدمته له سابقاً.
وكقائد للصنفين، استثمر في الصنف الأول، فهو السند في وقت الأزمات. وابتعد عن الصنف الثاني وتخلص منهم، فهؤلاء سيجعلونك حديث مجالسهم، بما شاهدوه وما لم يشاهدوه، ولن يتورعوا عن تحميلك كل أخطاء عملهم، ومشاكل حياتهم.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان