شعار قسم مدونات

عودة جحا..

blogs- حلب

عاد جحا من جديد قادما من مكان بعيد إلى البلاد العربية. نعم هو جحا الذي قال عنه أحمد مطر "جحا شاهد بئراً مرة فظنها منارة مقلوبة، أكان عمنا جحا شخصا غبيا يا ترى أم أنه كان يرى مستقبل العروبة ".

أخيرا عاد جحا ليرى الحاضر أمامه "مستقبل العروبة " لا يمل الناس من طرائفه ونوادره صغارا وكبارا. كان يظهر بأكثر من شخصية فتارةً يكون قاضياً وتارة متهما وأخرى في صورة تاجر يبيع في السوق بالإضافة إلى ذكائه وفطنته تارة وغبائه وبلادته تارة أخرى.

في هذه المرة يظهر جحا في البلاد العربية متنقلا من بلد إلى آخر يرقب الأحوال والأوضاع التي استجدت أثناء غيابه الطويل وانقطاعه عن الناس التي كانت تستمتع بكلامه في شتى القرى والمدن.

صاحب العمامة فيفتي الناس بغير علم، والثاني إعلامي يشوه الحقائق ويختلق الأكاذيب، والثالث يوزع المال على العملاء الذين ينقلون أخبار القرية إلى الخارج.

يدخل جحا إلى مدينة كبيرة وقد تعجب من حالها فقد حل فيها الدمار والخراب، وتكاد تخلو من السكان فوجد أحد الفتية جالساً يبكي أمام كومة من الحجارة، فسأله ما بال هذه المدينة خاوية على عروشها وقد هجرها سكانها، فقال له الفتى بصوت ضعيف لا يكاد يسمع من شدة الحزن والألم هذه المدينة دمرها العدو والناس خرجوا منها خوفاً ومن بقي فيها هو بين حياة و موت "المدينة هي حلب والفتى يبكي أمام بيته الذي انهار على عائلته بفعل برميل متفجر".

يمتطي جحا حماره المشهور ويتجه شرقاً وقد اغرورقت عيناه بالدموع حزناً على ما سمع. وبعد مسير طويل وصل إلى مكان يمتلئ بالخيام وقد ظهر على المقيمين بها علامات الجوع والخوف، وتعجب من خيامهم فهي لا تكاد تقي حر صيف ولا برد شتاء ورأى أفواجاً من الناس تصل تباعاً إلى الخيام (المكان هو مخيم الخازر شرق الموصل نزح الناس إليه بسبب المعارك الدائرة في الموصل".

يكمل جحا طريقه ويتوقف عند أحد الأسواق ويلتقي أحد التجار الذي أصر على استضافته في بيته، وبينما هو جالس أخذ التاجر يسرد على جحا الحال التي وصلت إليها البلاد العربية وكيف طغى الظالمون وكثر القتل وانتشرت الفتن لم يستطع جحا أن ينام تلك الليلة ومضى يردد  مطلع قصيدة:
"في الوطنِ العربيِّ ترى أنهارَ النّفطِ تسيلْ
لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
والدّمُ أيضاً
مثلَ الأنهارِ تراهُ يسيلْ
 (التاجر من الشام ومكان السوق غير معلوم، أما القصيدة فهي في رثاء الأمة العربية لمظفر النواب)

في اليوم التالي خرج جحا إلى سوق القرية، وبينما هو يتجول مر على جماعة من الناس يتوسطهم شخص يضع عمامة على رأسه يسأله الناس فيجيبهم، ثم مضى جحا في طريقه فوجد جماعة أخرى يتوسطها شخص ملثم يتحدث عن أخبار وأحوال البلاد ويصدقه الناس.

تركهم وأكمل مسيره فرأى جماعة ثالثة يتوسطهم شخص يضع على رأسه قبعة يوزع عليهم المال، وعندها صعد جحا إلى مكان مرتفع ليسمعه كل من في السوق، وصاح في الناس قائلا الهلاك قادم لا محالة وكررها ثلاثاً ثم انصرف".

أما صاحب العمامة فيفتي الناس بغير علم، والثاني إعلامي يشوه الحقائق ويختلق الأكاذيب، والثالث يوزع المال على العملاء الذين ينقلون أخبار القرية إلى الخارج.

ملاحظة: حتى اليوم لا يمكن الجزم بشخصية جحا هل هي حقيقية أم أنها مخترعة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.