شعار قسم مدونات

العربي وصديقه البريطاني

blogs- بريطانيا

دكتور عربي درس في بريطانيا أربع سنوات، وكان مسكنه طيلة الأربع سنوات مع عائلة بريطانية مؤلفة من زوج وزوجته كبار في السن وعند انتهاء دراسته وقبل أن يستلم الشهادة قرر الذهاب إلى بلده إجازة لمدة شهر ليعود بعدها لاستلام شهادته.
 

وقبل العودة قرر أن يأخذ هدية لصاحب البيت البريطاني الذي يسكن عنده، وكان البريطاني عنده هوس بالساعات فاشترى له ساعة ثمينة وسافر إلى بريطانيا. وفي المطار بلندن هناك ثلاثة بوابات ليخرج المسافرين منها: بوابة للدبلوماسيين والطيارين وغيرهم، وبوابة لمن معه أشياء تحتاج لدفع ضريبة، وبوابة أخرى للعامة الذين لا يستوجب عليهم دفع ضرائب.
 

متى نتعلم ومتى نفهم أن البلدان التي يحكمها الطغاة واللصوص لا يمكن أن تستمر، وما بني على باطل فهو باطل؟

وتلك البوابات لا رقيب عليها، وفي بريطانيا كل شيء جديد يجب أن تدفع عليه ضريبة مهما كان حجمه صغيرا، والساعة التي أخذها العربي معه ضريبتها حوالي 70 جنيه إسترليني، فقال العربي هل من المعقول أن أدفع ضريبة على ساعة جلبتها هدية، فخرج من بوابة الذين لا ضرائب عليهم. وعندما وصل لبيت العائلة البريطانية استقبلوه بكل حفاوة، وبعد أن جلس أخرج الساعة من الحقيبة وقدمها للبريطاني فكانت فرحة البريطاني لا توصف وكأنه طفل حصل على لعبته المفضلة..
 

وبعد أن لبس الساعة في معصمه وهو ينظر إليها بكل إعجاب ويتفوه بكل عبارات الامتنان قال للعربي بكل تأكيد دفعت ضريبة كبيرة عليها؟ فقال له العربي لم أدفع شيئاً لأنني خرجت من البوابة التي لا يدفع من يخرج منها الضرائب، وهنا احمر وجه البريطاني وبدأ يرتعش وخلع الساعة من يده ووضعها في الكرتونة التي أخرجها منها، وقال للعربي سكنت بيننا أربع سنوات ولم نكن نعرف بأنك لصاً سارق غير محترم..
 

فرد عليه العربي نحن في الدول العربية دائما نحاول التهرب من الضرائب، فرد عليه البريطاني وأين الإسلام الذي تتحدثون عنه وتحاولون اقناع الناس بالدخول فيه، إذا كان إسلامكم يعلمكم اللصوصية فهو دين باطل ولا يستحق الوقوف عنده. ثم أضاف خذ ساعتك وفارقني من اللحظة فأنا نادم على استضافتك عندي طوال الأربع سنوات، وبالفعل طرده بنفس اللحظة..
 

بالمناسبة العربي هو من روى القصة عن نفسه وحقيقة الذي فعله العربي غير مستهجن في بلادنا العربية فكلنا نحاول التهرب من الضرائب لعدة أسباب، أهمها إن 90 بالمائة من أموال تلك الضرائب في بعض الدول العربية تذهب إلى أماكن غير التي دُفعت من أجلها، كبناء المدارس وتعبيد الطرقات ودعم المستشفيات.. وغيرها من المرافق التي تهم المواطن بالدرجة الأولى، لأنها تذهب تلقائياً إلى حسابات بعض المسؤولين. فهم يعتبرونها حق لهم وكأن البلاد التي يديرون شؤونها ملك لهم وهذا الشعب مستأجر عندهم ويجب أن يدفع الأجر المترتب عليه لقاء تلك الإقامة!
 

متى نتعلم ومتى نفهم أن البلدان التي يحكمها الطغاة واللصوص لا يمكن أن تستمر، وما بني على باطل فهو باطل؟ أكرموا شعوبكم لكي لا ينظرون إلى أوطانهم على أنها ملك خاص لمن يحكمها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.