شعار قسم مدونات

هل يحقق العرب حلم إيران!

blogs - Iran's national flags
الرغبة الإيرانية في السيطرة والاستحواذ والهيمنة على الشعوب الإسلامية والعربية بشكل خاص، بدأ قديما، فهزيمة دولة فارس مثّل طعنة مبكرة للمشروع الفارسي وانهيارا لحـلم الإمبراطورية الفارسية الكبرى.

لم يمت الحلم حينها وإن تظاهر بالموت ولبس لباس الإسلام لضعف فيه وقوة خصومه آنذاك، فابتكروا مفهوما يتناسب مع وضعهم الجديد ألا وهو مفهوم ومصطلح آل البيت والغلو في إظهار محبتهم تحت شعارات وأساليب في ظاهرها الحب لآل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، وفي باطنها روح الانتقام لمن هدموا مشروعهم الكبير في مهده، كبر وتوسع مفهوم آل البيت وانتشر وتشربه العديد من المسلمين بعاطفة كبيرة ودون وعي أو فهم للمخطط المرسوم، فظهر المغالون من شيعة علي وابنه الحسين رضي الله عنهما وبدأت الفتنة تدب بين أبناء الإسلام. 

استغل الفرس ومن لبس لباسهم هذه الفتنة لنشر هذا المفهوم في البلاد الإسلامية بغلاف حب آل البيت والدفاع عن مظلوميتهم وأحقيتهم في الولاية والسيادة، فراق هذا المفهوم للعديد ممن يطمحون للسيادة فغيروا وبدلوا في التاريخ حتى ينسبوا أنفسهم كذباً آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام حتى يحظوا بالقداسة والمكانة وبدؤا ببث روح العصبية والطبقية والعنصرية والتفرقة في المجتمعات الإسلامية. فوجدت إيران في بعضهم بغيتها وسبيلها ليكونوا أداة لتمرير مشروعها الإمبراطوري وتوجه من خلالهم طعنة في خاصرة الأمة الإسلامية فدعمتهم بكل السبل المتاحة، فتارة بالمال وأخرى بالسلاح وثالثة بالرجال.

هل ستساهم مغامرات إيران لتحقيق حلمها الإمبراطوري في توحيد العرب والمسلمين برسم رؤية ومشروع موحد وينسوا كل خلافاتهم ومشاكلهم الداخلية؟

تسعى إيران أن تجعل لها في كل موطن من البلاد العربية بشكل خاص موضع قدم ترتكز عليه، وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير فما من دولة عربية اليوم إلا وهناك أصوات في السر أو الجهر، تحمل هذا الفكر والرؤية بجهل ودون وعي لحبٌ في المال والمكانة والصدارة لم تحمل إيران كنظام ودولة الإسلام يوماً كاقتناع وحب، ولكن اعتبرته مطية لتكسب به ود خصومها حتى تنقض عليهم وتأكلهم واحداً بعد الآخر، والأحداث شاهدة على ذلك، فإيران ورغم اقتصادها المتهالك وحالة شعبها المعيشية الصعبة إلا أنها تظهر متماسكة قوية وتمشي بكل غرور وثقة نحو مشروعها الإمبراطوري، ساعدها في ذلك غياب المشروع والرؤية الموحدة للدول العربية والإسلامية، وانشغالهم بمشاكلهم وأزماتهم التي لا تتعدى دولهم والعالم الغربي يتعامل مع إيران بنفاق فاضح، ففي الخطابات والإعلام عداء صارخ، وفي الكواليس تناغم وحب واضح، فإيران بالنسبة لهم تعتبر بمثابة إسرائيل الثانية التي تحمي مصالحهم وتحقق أهدافهم ورؤيتهم في جعل العرب والمسلمين في متاهة الصراعات والنزاعات والحروب المتواصلة حتى لا تقوم لهم قائمة ولا تتوحد لهم رؤية.

تعامل العرب والمسلمون مع المشروع الإيراني بهذا التغافل والسطحية يجعل إيران أكثر إصراراً لتجربة كثير من المغامرات عبر دعمها اللامحدود لكل من يحمل فكرها ويمشي بخطاها، لن تكتفي بما تفعله في سوريا ولبنان واليمن والعراق من دمار ودماء، إذا لم تجد رؤية عربية وإسلامية قوية تحمل مشروعا موحدا تضمن كل عناصر القوة الفكرية والثقافية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، فهل ستساهم مغامرات إيران لتحقيق حلمها الإمبراطوري في توحيد العرب والمسلمين برسم رؤية ومشروع موحد وينسوا كل خلافاتهم ومشاكلهم الداخلية؟ أم سيساهم العرب بتغافلهم وتعاملهم السطحي مع كل المعطيات الموجودة اليوم بتحقيق حلم إيران الكبير؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.