دارت عجلة الزمن وتوقفت عند القرن الحادي والعشرين، ولكن هذه المرة تغيرت ملامح المكان فقد أصبحت مكة حلبا، وهنا كذلك تعرض المسلمون للتعذيب، تفجرت بيوتهم، حوصروا في قوتهم، لم يبق لهم ومضة عيش.
لعل مشركي عصرنا لم يرسلوا رسولهم لميركل يطالبونها بإرجاع المسلمين الذين هربوا من بلادهم وطلبوا اللجوء في دولتهم. |
بعد أن تشاور المسلمون فيما بينهم قرروا الهجرة إلى مملكة أكسوم أو ما يسمى بالحبشة، شحذوا هممهم، تركوا ذكرياتهم وراء ظهورهم، ودَّعوا أحبابهم، ركبوا ظهر البحر عبوراً إلى تلك المملكة التي فيها ملك يدعى النجاشي من لا يظلم عنده أحد.
وجد مسلمو هذا الزمان حبشتهم الخاصة ألا وهي ألمانيا! حيث لا وجود فيها للبراميل المتفجرة، لا القذائف المتهاوية، ولا حتى يتم إجبارك على التطوع في الجيش لتقتل أهلك، كما سمعوا عن ملكتهم "النجاشية" التي لا يظلم عندها أحد.
بيد أن الفارق بين زمان البعثة وزماننا، أن مشركو البعثة لم يفكروا باضطهاد وتهجير مزيد من المسلمين من أراضيهم، ثم يأتوا بالمنافقين ليستحلوا أرض المسلمين، ثم بعد ذلك يستحثوا الروم للقضاء على المنافقين الذين طغوا في البلاد، لتقوم الأخيرة بإخراج المنافقين وجلب بني قينقاع ويستوطنوا الأرض من بعدهم.
ميركل ليست النجاشي، إنها ليست ماردة المصباح التي تحقق الأماني وتحل للعرب والمسلمين مشاكلهم. |
ولعل مشركي عصرنا لم يرسلوا رسولهم لميركل يطالبونها بإرجاع المسلمين الذين هربوا من بلادهم وطلبوا اللجوء في دولتهم، وإلا كان لسان حال المهاجرين كحال لسان سيدنا جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- مدافعاً عن المسلمين قائلين:
"أيتها الملكة، كنا قوماً مسلوبي الحرية، نعبد الرئيس، ونقدس النظام الفاسد، ونفسد في الأرض، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى قمنا مطالبين بالحرية، وننبذ العبودية، ونبتعد عن الطائفية والمذهبية، ونحرر عقولنا من القيود المفروضة علينا، فخرجنا مظاهرات في الساحات والشوارع، وهتفنا بملء حناجرنا وأسمعنا الأصم "بدنا حرية"! فعدا علينا قومنا، فسجنونا، عذبونا، وألقوا البراميل والقذائف على رؤوسنا، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين حريتنا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيتها الملكة".
وبين هذا وذاك وعندما نمعن التفكير قليلا نجد أن ميركل أو كما رمزت لها بأوروبا في مدونتي، ليست النجاشي، نعم إنها ليست ماردة المصباح التي تحقق الأماني وتحل للعرب والمسلمين مشاكلهم، لأنها وببساطة هي شريك مع مشركي هذا الزمان ومع اليهود والنصارى في غسل أدمغة المهاجرين وسلخهم من دينهم كي تنسيهم هويتهم الأصلية، فإذن هي شريكة في القتل، في التهجير، في إحلال من لا دين لهم ولا ملة أراضي المسلمين. عسى الله أن يحفظ هوية مهاجرينا ويحفظ لهم دينهم ويردهم لبلدانهم غانمين منصورين فاتحين.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.