شعار قسم مدونات

تونسيون على طريق المقاومة

blogs - hamas
20 رصاصة 8 منهم استقرت في جمجمة مهندس وطيار تونسي كانت كفيلة بوضع حد لنهاية تونسي أفنى عمره في خدمة فلسطين. الشهيد كان قد أشرف على تصنيع وتطوير جهاز الطائرات دون طيار في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية، وكان له دورا رئيسيا في انتصار المقاومة في حرب الكيان الصهيوني على غزة سنة 2014.

محمد الزواري ذلك الطيار المقاوم الذي اغتالته يد الموساد على الأراضي التونسية بتاريخ 15 ديسمبر 2016 لم يكن التونسي الأول الذي سار في نهج المقاومة واتخذ من القضية الفلسطينية القضية المركزية ووجه لها بوصلة الحياة والوجود.

لا يمكننا ونحن نتحدث عن قصة وفاء تونس لفلسطين أن نتناسى عملية استشهاد أبو جهاد المعروف بخليل الوزير على الأراضي التونسي بأيادي الموساد.

تعود بنا الذاكرة الجماعية إلى سنة 2008 وبالتحديد في شهر جويلية حين استقبلت تونس 8 رفات طاهرة من أبنائها ممن شملتهم عملية التبادل بين الكيان الإسرائيلي وفصيل المقاومة بلبنان حزب الله والشهداء هم ميلود بن ناجح والذي استشهد في 27 من نوفمبر 1987 خلال عملية الطائرات الشراعية التي نفذتها القيادة العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمران الكيلاني المقدمي الذي استشهد في 26 من أبريل 1988 في عملية ردًا على اغتيال خليل الوزير أبو جهاد في تونس الشهر ذاته، وشملت العملية أيضًا جثامين كل من خالد بن صالح الجلاصي وفيصل الحشايشي وسامي بن الطاهر الحاج علي ورياض بن الهاشمي بن جماعة وكمال بن السعودي بدري والطالب بليغ بن محمد أنور اللجمي.

قصة الطائرات في وفاء التونسيين لقضية فلسطين ستظل قصة أسطورية إذ قام الشهيد ميلود بن ناجح باقتحام معسكر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الصهيوني في فلسطين المحتلة معسكرغيبور تحديدا بالطائرات الشراعية، وفي أثناء عودة المقاتلين بطائراتهم الشراعية أصيبت طائرة التونسي البطل ميلود ناجح بن نومه فسقطت فوق مرتفعات حلتا في الجنوب اللبناني فاضطرت للهبوط وقام المقاتل البطل بالاشتباك مع قوات العدو الصهيوني لإكمال المعركة موقعًا في صفوفهم عددًا من القتلى والجرحى وبقى يقاوم إلى أن نال الشهادة.

قصص الوفاء للقضية الفلسطينية لا تنتهي هنا بل وبعد سنة من استشهاد ميلود بن ناجح وتحديدا في 26 من أفريل 1988 التحق عمران كيلاني مقدمي بركب شهداء القضية، إذ قام بعملية فدائية بعد اقتحام موقع عسكري صهيوني في قلب مستعمرة دان القائمة أقصى شمال هضبة الجولان في زاوية الحدود الفلسطينية اللبنانية السورية.

أدت هذه العملية إلى هلاك العقيد الصهيوني صموئيل أديف وأحد قصاصي الأثر وسبعة من جنود الاحتلال وأسر جنديين انتقامًا لاغتيال القائد الفلسطيني أبو جهاد خليل الوزير في تونس. ولد الشهيد عمران كيلاني مقدمي في المضلية بمدينة قفصة جنوب تونس درس المرحلة الابتدائية والإعدادية ثمّ المهنية بعدها التحق بالخدمة العسكرية وبعد أن أنهى خدمته العسكرية قرر الذهاب إلى سوريا أين حصل على شهادة الدراسة الثانوية من دمشق وانتسب إلى كلية الآداب جامعة دمشق قسم علم النفس درس سنتين ثمّ التحق بصفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.|

لم يتوقف عداد الشهداء التونسيين الذين أهدوا أعمارهم لقضيتهم الأم ففي ديسمبر من عام 1988
قام خالد بن صالح الجلاصي بعملية بطولية بمنطقة المنارة بالجليل الأعلى شمال فلسطي مقدما نفسه شهيدا تونسيا جديدا ثم كتب اسم آخر على القائمة وهو مقداد الخليفي في نوفمبر 1990 حين نفذ عملية جهادية صحبة رفاقه ضد دورية صهيونية في مزارع شبعا لترتقي بذلك روحه إلى خالقه شهيدة على ظلم الكيان الصهيوني.

ثم جاء الدور على البطل عمر قطاط الذي ارتقى شهيدا إثر عملية بطولية بجنوب لبنان حين كان بصدد إيصال الإمداد والمؤونة للمبعدين من فلسطين في مرج الزهور بالجنوب اللبناني للمساهمة في دعم وتعزيز صمودهم في مواجهة العدو الصهيوني.

ولم يتوقف الدم التونسي في سقي فلسطين إذ في جويلية 1993 قدم البطل فيصل الحشايشي نفسه شهيدا إثر مشاركته في عملية فدائية جريئة ضد دورية صهيونية جنوب لبنان على مشارف فلسطين.

سامي بن الطاهر الحاج علي اسم آخر يضاف إلى القافلة فبتاريخ 11 جانفي 1995 أقام البطل صحبة رفاقه كمينا لقافلة صهيونية على الطريق الواقعة بين بلدة الطيبة اللبنانية ومستوطنة مسكافعام في فلسطين المحتلة واستشهد هناك.

ثم أبى كل من كمال السعودي البدري و بليغ أنور اللجمي إلا أن تشمل قائمة الشهداء التونسيين أسمائهم إذ كان يوم 27 جانفي 1996 شهيدا على شهادة الشهداء، إذ شاركا في عديد من العمليات القتالية على خط العدو جنوب لبنان واستشهدا في عملية فدائية جريئة في منطقة السريرة قضاء جزين بالجنوب اللبناني على مشارف فلسطين وقد وكانا ضمن مجموعة الشهيد يحيى عياش أحد التشكيلات العسكرية المقاتلة للجبهة الشعبية القيادة العامة.

ولا يمكننا ونحن نتحدث عن قصة وفاء تونس لفلسطين أن نتناسى عملية استشهاد أبو جهاد المعروف بخليل الوزير على الأراضي التونسي بأيادي الموساد في قصة شبيهة باغتيال محمد الزواري، حيث قام أفراد من الموساد ليلة الاغتيال بإنزال 20 عنصراً مدرباً من الموساد من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس وبعد مجيئه إلى بيته كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته وأطلقت عليه عددا من الرصاص واستقر به سبعون رصاصة فتوفي في اللحظة نفسها.

قائمة التونسيين الذي تجندوا لخدمة فلسطين لا يمكن لأحد أن يعرفها أو أن يحددها فالعديد منهم استشهدوا ولم نسمع عنهم شيئا.

اغتيل خليل الوزير في منزله في تونس الساعة 2 فجرا بالتوقيت العالمي الموحد في 16 فريل 1988 وهو يبلغ من العمر 52 عاما. أطلق عليه النار من مسافة قريبة عدّة مرات بوجود زوجته وإبنه نضال.أغتيل خليل الوزير على يد فريق من الكوماندوز الإسرائيلي التي أبحرت بحسب ما اعلن بقارب من إسرائيل وبدعم على الشواطئ من عملاء الإستخبارات الإسرائيلية الموساد وبإستخدام بطاقات هوية لصيادين لبنانيين خطفوا للوصول إلى وسيلة للدخول لمجمع منظمة التحرير.

وفي خضم الحديث عن تاريخ اختلاط الدم التونسي بالدم الفلسطين لا يفوتنا ذكر عملية حمام الشط بتونس والتي اطلق عليها الكيان الصهيوني اسم عملية الساق الخشبية. شهد يوم 1 أكتوبر 1985 أفضع عملية يقوم بها الموساد على الأراضي التونسي إن لم نقل على الأراضي العربية ككل إذ استهدف سلاح الجو الإسرائيلي أحد أهم اجتماعات منظمة التحرير الفلسطيني المقام بمقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط موقعا 68 قتيلاً وأكثر من 100 جريح من تونسيين و من القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية. وهي إحدى أكبر وأخطر العمليات بحق الفلسطينيين بعد نزوح منظمة التحرير من العاصمة اللبنانية بيروت سنة 1982.

القضية الفلسطينية كانت ولا زالت الهاجس الأول للتونسيين معتبرين إياها قضيتهم المركزية وهي من أهم القضايا التي توحد التونسيين على اختلاف مشاربهم الفكرية والأيديولوجية وهكذا موقف لا يستغرب من شعب دفع الغالي والنفيس في سبيل التحرر من الظلم والاستبداد.

قائمة التونسيين الذي تجندوا لخدمة فلسطين لا يمكن لأحد أن يعرفها أو أن يحددها، فالعديد منهم استشهدوا ولم نسمع عنهم شيئا والعديد منهم مازالوا رافعين السلاح في وجه نفس العدو فهم رجال الخفاء لا نعرفهم إلا عند استشهادهم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان