شعار قسم مدونات

حملة "حلب لبيه" والدروس المستفادة

blogs - حلب لبيه

 

إن إرادة الشعوب تصنع المعجزات ولكن إذا تناغمت إرادة الشعوب مع قيادتها فإن المستحيل يكون ممكنا بل يكون سهلا.
 

بالأمس حدث لك التناغم الرائع بين قيادة دولة قطر وأهل قطر سواء مواطنين أو مقيمين، فقامت قيادة الدولة بإلغاء احتفالات اليوم الوطني للدولة وتحويل كل الفعاليات إلى فعاليات لجمع التبرعات لحلب والتوعية بالقضية الإنسانية التي تعيشها حلب، فما كان من مؤسسات الدولة بقطاعاتها الثلاث الحكومي والخاص والإنساني من التفاعل المثمر لهذا القرار واتحد الجميع تحت حملة حلب لبيه وفي أقل من 5 ساعات تم جمع قرابة الـ 70 مليون دولار أمريكي.

 

أصبحت إعلانات حملة حلب لبيه تجمع شعارات كل المؤسسات الخيرية المسموح لها بجمع التبرعات وهذا يدل على أن الجمعيات متكاملة في مجال جمع التبرعات ومتنافسة في تقديم أفضل خدمة للمحتاج.

وما نستفيد منه في هذا الأمر عدة أمور منها: –

1 – المرونة والقدرة علي اتخاذ القرار.

بالتزامن مع الوضع الإنساني السيء في حلب كانت الاستعدادات علي قدم و ساق في الدوحة لاستقبال اليوم الوطني 18 ديسمبر و هو اليوم الذي ينتظره كل فرد علي أرض قطر ليعبر عن حبه لهذا البلد الطيب، و جاء القرار من قيادة الدولة بإلغاء كافة مظاهر الاحتفال و تحويل كل الفعاليات إلي فعاليات لجمع التبرعات و التوعية بالقضية السورية، و من ثم استجابت كل قطاعات الدولة و خاصة القطاع الإنساني و سرعة الاستجابة و إعداد مشروعات إغاثية عاجلة للمحاصرين داخل حلب و النازحين منها و القدرة العالية لتغير خطة الجمعيات من الاحتفال باليوم الوطني لجمع التبرعات تحت حملة حلب لبيه.

 

2 – سرعة الاستجابة علي أرض الكارثة.

قبل يوم الحملة 18 ديسمبر قامت المؤسسات القطرية بتقدم مواد إعلامية توثق تنفيذ مشروعات داخل حلب وللنازحين منها، مما حقق المصداقية الواقعية لهذه المؤسسات ودفع كل المجتمع بالتبرع لهذه الحملة لأن نجاح حملة التبرعات يتناسب طرديا مع سرعة استجابة المؤسسات علي أرض الواقع مع الحرص على تقديم مواد توثيقية قيمة.

 

رغم موقف قطر الواضح من الثورة السورية إلا أنه لم يكن هناك أي مظهر سياسي في حملة حلب لبيه وكان هناك تركيز فقط على الجانب الإنساني وعلى قضية النازحين من حلب والمحاصرين بداخلها.

3 – التعاون بين الجمعيات الإنسانية وبعضها.

أصبحت إعلانات حملة حلب لبيه تجمع شعارات كل المؤسسات الخيرية المسموح لها بجمع التبرعات وأصبح يظهر رقم تليفون واحد بصفة الخط الساخن، والصور التي تأتي من حلب التي توضح تنفيذ المشروعات عليها شعارات كل المؤسسات، وهذا يدل على أن الجمعيات متكاملة في مجال جمع التبرعات ومتنافسة في تقديم أفضل خدمة للمحتاج، وهذا دفع القطاع الخاص للتبرع عن طريق تقديم تبرعات من أرباح الشركات أو دعوة الموظفين للتبرع.

 

4 – الشراكة المثمرة بين الإعلام والمؤسسات الإنسانية.

قامت 6 إذاعات قطرية بين المرئية والمسموعة بتغطية كاملة للحملة وعمل إعلانات لدعوة الجمهور للتبرع، وهذا لم أراه إلا في بريطانيا في حرب غزة عام 2014 عندما قامت لجنة الكوارث والطوارئ البريطانية وبالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية بعمل حملة لجمع التبرعات لتقديم الإغاثة إلى غزة، وهذه الشراكة المثمرة المستفيد الأول منها هو المحتاج لأن بهذه الحملات الإعلامية القوية يحدث تعريف وتوعية بالقضية الإنسانية التي يعاني منها ومن ثم تحفيز الناس للتبرع.

 

5 – فصل السياسة عن العمل الإنساني.

مع موقف دولة قطر الواضح من القضية السورية، لم يكن هناك أي مظهر سياسي في حملة حلب لبيه وكان هناك تركيز فقط على الجانب الإنساني وعلى قضية النازحين من حلب والمحاصرين بداخلها، لم يظهر علم الثورة السورية لم يكن هناك شعارات للثورة السورية وهذا كان من العوامل الكبرى في نجاح حملة حلب لبيه فلا سياسة في الإغاثة.

 

6 – الرقابة على العمل الإنساني داخل قطر

للأسف القطاع الثالث والعمل الإنساني دائما متهم بأن له أجندات لتنظيمات أو لجماعات أو لأفكار ولكن مع الرقابة الذكية او الرقابة الدافعة للنجاح من خلال الهيئات المنظمة للعمل الإنساني داخل دولة قطر هذه الرقابة جعلت المؤسسات الإنسانية تكون بعيده عن هذه الاتهامات بل ودفعتهم للنجاح وقدمت لهم الدعم في مجالات كثيره مثل التدريب والتطوير للعمل.

 

7 – الحرية في العمل الإنساني

فبعد الرقابة الجيدة كما ذكرنا، تأتي الحرية الكاملة حسب القوانين المنظمة للعمل الإنساني داخل قطر، فالحرية للعمل الإنساني كالقلب لجسم الإنسان، فهناك حرية لعمل المؤسسات الخيرية داخل قطر وكل جمعية لها خطتها التي تسعي لتنفيذها، وتجد في قطر صناديق جمع التبرعات في المولات والمساجد والمحلات التجارية وكل جمعية لها سفراءها ولها متبرعينها وتري طواقم الجمعيات يهرولون إلى المحتاج شمالا وجنوبا وغربا وشرقا وستجد المؤسسات القطرية تقديم يد العون في كل منطقة من العالم بها احتياج.

 

في النهاية يجب أن نشكر دولة قطر قيادة وشعبا على ما قدموه لأهلنا في حلب، وأنها قامت بما لم تقم به أي دولة عربية أو إسلامية وبهذا تحقق دولة قطر الريادة الواقعية دوليا وإقليما بالتمسك بالقيم الإسلامية والعربية والريادة هنا في التوعية بالقضية وتقديم الدعم التوعوي والمعنوي وهو أكبر من الدعم المادي وإن كان الدعم المادي مطلوب ولكن الدعم المعنوي المتمثل في قيمة الترابط والتعاون والإخوة أعمق وأقوي من الدعم المادي.

أسأل الله أن يبارك لقطر ولأهل قطر وأن يجعلها دائما نصرة للمظلوم وأن يرزقها الأمن والأمان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.