بل وذهب الرئيس هادي لعقد اجتماع موسع في الرياض، ليؤكد من خلاله بأنه رفض الخارطة لأنها لا تلبي تطلعات الشعب اليمني في إنهاء الانقلاب وعودة الأوضاع في اليمن لما قبل انقلاب المليشيا، ولا ينفذ مخرجات الحوار الوطني أو الاستفتاء على الدستور الذي كان اليمن على بعد أيام منه.
حاولت الخارطة إعادة بنود المبادرة الخليجية للواجهة ولكن عبر تنفيذها مرة آخر على الشخص الذي أتت به المبادرة في نسختها الأولى. |
اللافت في الأمر أنه حتى هذه اللحظة لم يسمي مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة أنما حصل في اليمن انقلاب مكتمل الأركان على سلطة شريعة أتت من خلال المبادرة الخليجية إبان ثورة فبراير وأيدتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وحتى اللحظة لم يتم إدراج جماعة الحوثي كجماعة إرهابية ولن يتم هذا باعتقادي.
بعد ظهور الخارطة إلى السطح تبين أنها لم تمس الانقلابين (الحوثي – صالح) بأي مطالب عدا تلك التي سمت مليشيا الحوثي بالمجاميع الحوثية التي يجب عليها تسليم السلاح لطرف ثالث أو للحكومة الجديدة التي سيتواجد فيها الحوثي بثلث المقاعد أي يتم تسليم سلاح الحوثي الانقلابي إلى الحوثي الشرعي بعد الاتفاق، وبهذا تضمن جماعة الحوثي بقاء السلاح معها وبطريقة شرعية وتأييد دولي، إلا من تصريح للسفير الأمريكي الذي قال أنه لا مستقبل سياسي لصالح وبأنه سيتعرض للمسألة وتفعيل العقوبات عليه.
صبت الخارطة كل تفاصيلها حول موضوع الرئيس هادي وأنه شخص غير مرغوب فيه للاستمرار في حكم اليمن وكأنه المشكلة الأساسية للبلد، والتفاصيل الأدق كانت حول نائب الرئيس الفريق الأحمر الذي يشكل كابوس بالنسبة لجماعة الحوثي والذي سيتم إزاحته من منصبه لإرضاء الحوثي، ومحاولة لخلخلة صفوف الشرعية والرئيس هادي.
حاولت الخارطة إعادة بنود المبادرة الخليجية للواجهة ولكن عبر تنفيذها مرة آخر على الشخص الذي أتت به المبادرة في نسختها الأولى، وأغفلت الخارطة القرار الأممي 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
كما تضمنت الخارطة تطمينات للجانب السعودي من خلال تخصيص بنديين الأول بوجود منطقة عازلة على الحدود اليمنية السعودية وحددت بـ 30 كيلو متر، والثانية بسحب الصواريخ البالستية لطرف ثالث لم يسمى بعد، جماعة الحوثي حتى اللحظة ترفض المبادرة بالرغم من أنها الرابح الأكبر منها، أما المخلوع صالح فلم يصرح علناً بقبول الخارطة وإنما قال أرضية جيدة للتفاوض، نعم جيدة للتفاوض لأنها لم تمسه من قريب أو بعيد.
نعود بالتاريخ للوراء قليلا وبالتحديد إلى فبراير من العام 2015م وبعد أن قدم الرئيس هادي استقالته بعد اقتحام الحوثيين لمنزله في صنعاء، كان هناك حوار في قاعات فندق موفنبيك صنعاء، أو ما يعرف عند اليمنيين حوار موفنبيك، كان المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر يقود حوار هناك استمر لأسابيع دون نتائج تذكر، لكن الهدف الرئيسي من ذاك الحوار هو شرعنه انقلاب الحوثي وطي صفحة الرئيس هادي للأبد.
فشلت كل المحاولات في حينها، وظهر الآن بأن الفكرة جمدت وتم استدعاءها من أجل فرض حل في اليمن كانت القوى السياسية اليمنية موافقة على بعض نقاطه تحت تهديد السلاح الحوثي داخل قاعات الحوار وعلى مرئ ومسمع من المبعوث الأممي.
تستطيع الشرعية مسنودة بدول التحالف الحسم في اليمن بوقت وجيز وطرق قصيرة للغاية، ومهما كانت التكلفة المادية الآن، إلا أنها ستكون أقل بكثير مما ستقوم بدفعه إن تأخرت. |
يظهر جلياَ أن الأمم المتحدة لا تمانع من بقاء السلاح مع جماعة الحوثي بل ويجب أن تكون شريكة في الحكم، وعلى القوى السياسية اليمنية القبول بها كطرف وشريك في الحكم، وهذا ما ظهر من خلال التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي الذي لا يمارس سوى العبث الأممي في اليمن وتحول أيضاً إلى عامل توصيل للمليشيا الانقلابية بين صنعاء ومسقط، ومن خلال التصريح الأخير للمبعوث الذي قال إنه لا لن يعدل بنود الخارطة.
باعتقادي الحل السياسي في اليمن والقبول به يعني أن تتحول اليمن إلى لبنان آخر ويدخل المملكة العربية السعودية في المواجهة مع إيران ولكن هذه المرة عل الأراضي السعودية التي باتت محاصرة إن صح التعبير من ثلاث جهات بأذرع إيرانية، من الشمال سوريا والعراق ومن الجنوب اليمن، وهو ما ظهر من خلال تصريحات نائب قائد الحرس الثوري الإيراني بأنه أصبح لإيران منفذ على البحر الأحمر، كما بإمكان إيران تعزيز تواجدها في الشرق من المملكة عبر الكويت وقد ظهر من خلال ما يعرف بخلية العبدلي، أو عن طريق البحرين التي قامت فيها احتجاجات ودعمتها إيران حينها، ولن تستطيع السعودية التعامل مع كل هذه الجبهات والمتغيرات السريعة.
تستطيع الشرعية مسنودة بدول التحالف الحسم في اليمن بوقت وجيز وطرق قصيرة للغاية، ومهما كانت التكلفة المادية الآن، إلا أنها ستكون أقل بكثير مما ستقوم بدفعه إن تأخرت عن الحسم وتحول المعركة إلى داخل أراضي المملكة، كما يجب تجاوز التخوفات من بعض الأجنحة داخل المقاومة اليمنية، وعليهم أيضا عدم الاستجابة للضغوط الدولية المتماهية مع الدور الإيراني في المنطقة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.