شعار قسم مدونات

سأصوت كأمريكية!

blogs - usa

أيام قليلة تفصلنا عن موعد الانتخابات الأمريكية القادمة، وكالعادة يبدو العرب الأمريكيين خائفين، متأهبين، وساخرين من دورهم الانتخابي.

عند الحديث عن الانتخابات الأمريكية فإن العربي يتساءل عن الحلول التي سوف يقدمها الرئيس القادم لسوريا والعراق، أو موقفه من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، دون الأخذ بعين الاعتبار أن الرئيس القادم سيقوم بإدارة شؤون البلاد التي يقيم فيها لمدة أربع سنوات قادمة.

يضمن البند الأول من المبادئ العشرة من الدستور الأمريكي الحق لكل مواطن باختيار ممثليه، إذن حق الانتخاب هو حق كفله القانون لنا نحن الأقليات المقيمة في أميركا.

قبل عدة أشهر استشهد طفل فلسطيني على حاجز "بيت إيل" الواصل بين مدينة رام الله وقراها الشرقية، الشهيد شعلان ولد في ولاية فلوريدا الأميركية ويعيش جزء من عائلته فيها، في الوقت الذي كان هو والجزء الباقي من عائلته يقيمون في فلسطين بغرض الدراسة.
 

إذا كان العربي يرى أن صوته بالانتخابات بلا قيمة، كيف ستقيم له أمريكا وزناً وقيمة وتعتبره مواطنا له حقوق كغيره يجب حفظها!

قوات الاحتلال على الحاجز أطلقت النار على الطفل شعلان بدم بارد، وتركته ينزف لساعات حتى استشهد. حاولت ومازالت تحاول عائلة الشهيد فتح تحقيق ونزع إدانة من الرئيس الأميركي أو أحد ممثليه في الكونغرس كون الشهيد يحمل الجنسية الأمريكية فقط، ويعد من رعايا الولايات المتحدة المطالبة هي بحكم الدستور بحماية رعاياها. والسؤال هنا، لماذا نريد من أمريكا أن تطبق الدستور في الحالة الثانية ولا نطبقه نحن في الحالة الأولى.

هذا العام، قررت أن أصوت كأمريكية، وأن أختار هيلاري كلينتون لعدة أسباب، أهمها أن الحزب الديمقراطي يفضل دعم الاقتصاد الداخلي وضخ الأموال داخل مؤسسات الدولة، بعكس الحزب الجمهوري الذي يميل إلى صرف ميزانية ضخمه على السلاح والحروب.

انتخاب رئيس جمهوري يعني ذهاب الولايات المتحدة إلى حرب جديده تحصد عشرات الأرواح في إحدى دول الشرق الاوسط.

عدا أن الانتخابات الأمريكية لا تتوقف فقط على اختيار الرئيس والحزب الحاكم؛ بل يرافقها مجموعة من الاقتراحات التي تتعلق بالبيئة، الصحة، التعليم والمنشآت العامة.

على سبيل المثال سوف يصوت المواطنون في ولاية كاليفورنيا على عدة اقتراحات لهذا العام تتعلق بفرض ضرائب على السجائر، إجازة المريجوانا، إلغاء عقوبة الإعدام.

إلا أن أهم تلك الاقتراحات والتي أعتقد أنها تهمنا نحن العرب. اقتراح ينص على فرض قيود وتشريعات على امتلاك السلاح الخاص، فقبل حوالي العامين تعرضت عائلة مسلمة مكونة من ثلاثة أفراد إلى القتل في ولاية كارولينا الشمالية، وكان دافع الجريمة كراهية الاسلام، وبغض النظر عن دافع الجريمة فإن فوضى السلاح في أمريكا تلعب دوراً كبيراً في جرائم القتل التي تتم ليس فقط ضد الأقليات من المسلمين والسود وإنما البيض ايضاً.

الاقتراع الثاني يتعلق بالتعليم في المدارس الحكومية، حيث يضمن للطلاب الذين يتحدثون بلغة ثانية غير الإنجليزية بتوفير برامج تلائم لغة عائلاتهم مع ضمان إتقانهم للغة الإنجليزية بشكل ممتاز.

مشكلة العرب في أمريكا ليست بأنهم مسلمون أو أقلية، وإنما في أنهم دائمو البحث عمن يتعاطف معهم، يرافقهم إحساس دائم بالظلم، إلا أن هذا الإحساس قدم معهم من أوطانهم الأم. فأمريكا لم تنقص من حقوقهم لأنهم عرب، لم يميزهم الدستور عن غيرهم ولم يحرمهم من حقوقهم المشروعة.

إذا كان العربي يرى أن صوته بالانتخابات بلا قيمة، كيف ستقيم له أمريكا وزناً وقيمة وتعتبره مواطنا له حقوق كغيره يجب حفظها!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.