شعار قسم مدونات

قناعات مختلفة

blogs - people

لو لاحظت في حياتك  وتأملت من حولك، فإنك سترى بأنه يمكنك أن تؤثر على الناس في أشياء كثيرة، بعضها سطحي والآخر جوهري، ولكن هنالك قناعات عميقة، ومتأصلة لا تستطيع إطلاقا أن تزحزحها من مكانها ولكن ربما تهزها لتوقد فيها نار التغيير.

يصارع الناس ربما بشكل كبير تجاه قناعاتهم ولا يهمهم هل هي صحيحة أم لا، المهم عندهم هو أنهم يظلون ثابتين على تلك القناعات ولسان حالهم "من لا يؤمن لا يقف على أرض صلبة!" ربما جئت إلى أحدهم وكان هادئا ومستمتعا، ولكن بمجرد أن تطرق حدود قناعاته الحمراء، فإنه يتحول مباشرة لشخصية عنيفة! وتتحول حينها بسمته لغضب وتلقائيته لقلق، وذاكرته لتجيّش الأدلة الصحيحة  وغير الصحيحة  ليثبت لك أنه على صواب، وأنك محض تجسيد للخطيئة الكبرى!

هناك من يُجن عندما يراك صامتا تجاه صراع بعض القناعات، وربما صرخ في وجهك وقال لك متذمرا: إنهم يقولون كذا وكذا وأنت ساكت! مثل هذا يستحق الشفقة.

أحيانا أسافر بشكل عميق، وأنا أنظر لاثنين يتخاصمان بشدة على قناعة معينة، وكل منهما يريد أن يثبت للآخر أنه يملك الحقيقة المطلقة! فأقول في نفسي: يا ترى هل هذا الصراع لأجل الصواب ؟ أم لأجل الصراخ في الأعماق؟ وتقاتل للفوز في كسب هذا الموقف!؟

بعضهم يخرج بك عن محور القناعة التي اتفقتم على الحديث حولها ، لكي يهرب بك بعيدا عن الاقتراب من حائط عقله الذي يريده أن يبقى ثابتاً، ولا تهزّه ريح أفكارك! حينها تشعر بأن هذه معركة للبقاء!

وهناك من يُجن عندما يراك صامتا تجاه صراع بعض القناعات، وربما صرخ في وجهك وقال لك متذمرا: إنهم يقولون كذا وكذا وأنت ساكت! مثل هذا يستحق الشفقة، فليس هنالك إجبار على من لا يريد أن يدخل في صراع قناعات لا شأن لها، أو على الأقل هكذا هو يعتقد!

أعتقد أنه من الممتع دائما أن تنفرد بشخص ويكون ذهنك صافيا لتغيير بعض قناعاته، وتتحدث معه بكل هدوء وفي النهاية تطرح عليه بعض الأسئلة المركزة حول قناعاته -ولو كانت منبثقة من إجاباته فإنها ستكون أفضل– لأن هذا سيؤثر فيه وسيجعله يعود لنفسه ويتغير تلقائيا بدون إجبار أوصراخ.

هنالك من يأتيك وهو مُحمل بالقناعات الصحيحة والخاطئة ويريد أن يُكرمك بشيء منها، وإذا لم تعطيه من وقتك ربما اتهمك بالتكبر.

في بعض الأحيان يغضب منك أحدهم إذا قلت بأنك تحترم رأي فلان لأن رأيه يخالف قناعاته، ولكن الملفت أن الكثير ممن يتحاورون غالبا ما يغضبون اذا كنت تتحدث معهم بشكل هادئ، حتى أصبح بعضهم يغضب إذا قلت "أنا احترم رأيك !! ".

ولقد أصبحت غالبا أشعر بأنني أصبحت أميل إلى السماع  وأتأمل وأنا أرى الناس يعيشون في شد وجذب حول قناعاتهم، وكأنهم إذا فقدوا بعض قناعاتهم  فقدوا الحياة.

بعضهم يشعرك بأن الأمر يتعلق بالفزعة، والمساعدة وأنك إذا لم تدخل معه في هذا النقاش –حتى لو كان سطحيا– فانت خائن للعشرة! وأنت صديق يستحق التوبيخ والقطيعة! وهنالك من يخشى على قناعاته كخشيته من الموت أو أشد خشية  فيحارب عنها، ويناضل حتى لو وصل به الأمر إلى السب والشتم، والتشكيك في النوايا واتهام الضمائر.. وكل هذه الخطايا والموبقات لأجل أن يُثبت أن قناعته هي الصحيحة!

أيضا هنالك من يأتيك وهو مُحمل بالقناعات الصحيحة والخاطئة ويريد أن يُكرمك بشيء منها، وإذا لم تعطيه من وقتك ربما اتهمك بالتكبر أو وصفك بأوصاف يرى أن أصحابها هم قادة الضلال ورموز الخطيئة !

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.