شعار قسم مدونات

ترمب يسيطر على أقوى مخابرات في التاريخ

trump

يستعد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب اعتباراً من 20 يناير/كانون الثاني المقبل للسيطرة بشكل مباشر على وكالات الاستخبارات الأمريكية -التي تعتبر من أهم وأقوى الوكالات الموجودة حالياً- القادرة على استيعاب وحماية البيانات القيمة للدولة بشكل كامل إلى جانب إمكانية إمطارها بالصواريخ لأهداف تبعد بآلاف الأميال.

ورغم أن الوقت ما زال مبكرا على الحكم إلا أن الصورة قد بدأت بالظهور بشكل جزئي حول كيفية استخدام الرئيس المنتخب لتلك القوة التي لا تبدو مبشرة، حيث تعطي حكومة الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر/ايلول الرئيس المنتخب سلطة غير محدودة تقريباً من حرية التصرف في مسائل تتعلق بالأمن القومي، مع وجود عدد قليل من القيود أو آليات الرقابة.

يمتلك الرئيس الأميركي سلطات واسعة لإجراء تغييرات داخل سياسة وكالة الأمن القومي، ويمكن توسيع  السلطات والسياسات والأنشطة الخاصة بالوكالة

وتشمل تلك السلطات وكالة الأمن القومي للمراقبة (NSA) إلى جانب مجال واسع في برنامج الطائرات بدون طيار، وقد أشار ترمب في حملته الانتخابية إلى أنه يهدف لاستخدام تلك القوى، التي قد تتعاكس مع أهم الحقوق المدنية في أمريكا، وتعتبر وكالة "NSA"بمثابة القلب النابض لهذه الوكالات، حيث يتوقع المراقبون بانها سوف تنمو بشكل أكبر وتزداد قوة وسرية في ظل إدارة ترامب.

ويمكن إجراء مثل هذه التغييرات بشكل خفي بالكامل إلى حد كبير، دون ترخيص من الكونغرس أو حتى محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية، وتتم غالبية عمليات وكالة الأمن القومي تحت ترخيص معروف على نطاق ضيق يدعا "الأمر التنفيذي 12333" Executive Order 12333 الذي يجيز إمكانية جمع البيانات داخل وخارج حدود الولايات المتحدة لأغراض الأمن القومي.

ولا يمكن الطعن بهذا الترخيص في المحكمة أو الانقلاب عليه من قبل الكونغرس، وذلك لأنه أمر تنفيذي وليس قانون، ولا يضع هذا الترخيص حدودا لما يمكن لوكالة الأمن القومي جمعه من معلومات.

وكتب رئيس قسم وزارة الخارجية الأسبق في عام 2014 موضحاً أهمية هذا الأمر "لا يحتوي الأمر التنفيذي 12333 على أي شيء يمنع وكالة الأمن القومي من جمع وتخزين جميع الاتصالات والمحتوى، بشرط أن يحدث هذا الجمع خارج الولايات المتحدة في سياق قانوني للتحقيقات المخابراتية الأجنبية".

وأضاف "لا يلزم وجود مذكرة أو موافقة من المحكمة، وليس هناك حاجة في مثل هذه النوعية من حالات جمع المعلومات إلى إعلام الكونغرس بها، ولن تؤثر أي من الإصلاحات التي أعلن الرئيس أوباما في وقت سابق من هذا العام بهذه النوعية من جمع البيانات".

ولا تتوفر حالياً معلومات دقيقة حول الكيفية التي استغلت بها وكالة الأمن القومي هذا الإذن في الماضي، ولكن هذا الأمر التنفيذي سيعطي ترمب طريقاً واضحاً لزيادة قوة هذا الإذن بشكل أكبر، وقد لا يتوفر لدينا أي فكرة عندما يتم إجراء تغيير في سياسة وكالة الأمن القومي، وذلك نظراً للسرية الكبيرة التي تحيط بسياسات وكالة الأمن القومي العليا أو الأكثر روتينية.

ويمتلك الرئيس سلطات واسعة لإجراء تغييرات داخل سياسة وكالة الأمن القومي، ويمكن أن يتم توسيع تلك السلطات والسياسات والأنشطة الخاصة بالوكالة دون معرفة الجمهور لأي شيء يتم، وتعتبر السريعة أمر بالغ الأهمية لأنها تتيح أكثر الأشكال الخارجة عن النظام والمدمرة للمراقبة، وذلك وفقاً لريان كالو الأستاذ في جامعة واشنطن.

ويستحيل تقريباً لجم تلك التصرفات طالما أن ما يتعلق بعمليات المراقبة سرية، ويرجح أن تبقى العمليات والسياسات الجديدة سرية دون وجود تدفق معلومات مستمر من المخبرين، ومن الصعب على الجمهور الوقوف في وجه المراقبة طالما انهم لا يعرفون عنها شيء.

ويعتبر حصول وكالات الاستخبارات بما فيها وكالة الأمن القومي على صلاحيات مفتوحة أمراً مثيراً للقلق لا سيما في ضوء الآراء التي أعرب عنها ترمب في حملة الانتخابية، حيث قال بشكل صريح في اجتماع حاشد في شهر نوفمبر/تشرين الثاني "أريد مراقبة بعض المساجد" وهو رأي حافظ عليه ضمن خطاباته خلال الأيام اللاحقة.

كما صرح ترمب انه سيتخذ تدابير مماثلة تجاه حركة Black Lives Matter، واصفاً الجماعة بأنها "تهديد"، وقوله "كحد أدنى، نحن ماضون في طريقنا نحو المراقبة"، ويشير المراقبون إلى وجود قلق أيضاً حول ميل ترامب إلى الخلافات الشخصية، والتي ظهرت خلال حملته الانتخابية ضد عائلة خان وأليسيا ماتشادو.

ويمكن اعتباره بحسب محللين أنه شخص يحمل ضغينة ضد خصومه السياسيين، وقد رأينا سابقاً نموذج لهذه التصرفات عندما لم يتم تقييد وكالات الاستخبارات في الماضي مثل استغلال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جون إدغار هوفر لسلطته من أجل المراقبة ومضايقة الخصوم السياسيين.

وقد كشف محققو الهيئة التشريعية العليا الكونغرس في عام 1975 عن سوء استخدام هوفر لسلطته مرات عديدة، حيث حاول هوفر كسب رضى العديد من الرؤساء بجمعه فضائح عن بعض معارضيهم، كما تم في عهده أيضاً التعدي على الحقوق المدنية للكثيرين من منتقدي سياسات الحكومة.

وترث إدارة ترامب أموراً أخرى غير المراقبة، حيث تحصل على صلاحيات غير مسبوقة لقتل الإرهابيين المشتبه بهم من جانب واحد، حيث تقوم الطائرات دون طيار الأمريكية منذ بدء البرنامج بعمليات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 5000 شخصاً بينهم مواطن أمريكي واحد على الأقل.

حماس ترمب ومواقفه حول التعذيب جعل البعض يتخوف من أن تتجاوز نتائج سلطته المواقف المشاهد الأكثر وحشية التي ظهرت في حرب الرئيس بوش على الإرهاب

وتتواجد مجموعة من أوامر القيادة المرتبطة ببعضها عند إجراء مثل تلك الضربات، وذلك من خلال قيادة العمليات الخاصة المشتركة، ولكن تدير وكالة المخابرات المركزية CIA برنامج هجوم طائرات دون طيار منفصل أكثر ليونة بكثير.

وكان اتحاد الحريات المدنية قد حث الرئيس أوباما للحد من تلك القوى قبل أن يغادر منصبه لكنه رفض ذلك، كتب نتيجة لذلك اثنين من محامي اتحاد الحريات المدنية في وقت سابق من هذا العام "أيا كان من سيصل إلى إدارة البيت الأبيض في شهر نوفمبر/تشرين الثاني فإنه سيرث صلاحيات شاملة لاستخدام قوة مميتة ضد الارهابيين المشتبه بهم والمسلحين بما في ذلك الأمريكيين".

ويعتبر الأمر مرعباً وذلك بسبب حماس ترمب الصريح ومواقفه حول التعذيب واستهداف عائلات الإرهابيين، حيث يمكن أن تتجاوز نتائج تلك القوة والسلطة والمواقف المشاهد الأكثر وحشية التي ظهرت في حرب الرئيس بوش على الإرهاب.

وكشف تقرير نشر الأسبوع الماضي في صحيفة واشنطن بوست عن وجود معارضة كبيرة لترمب في مجتمع المخابرات، ويأتي ذلك الموقف بسبب رفض قبول الرئيس المنتخب لاستنتاجات مدير الاستخبارات الوطنية التي تتعلق بمسؤولية الحكومة الروسية عن سرقة وتسريب رسائل البريد الإلكتروني من لجنة الحزب الديمقراطي.

ويتوقع المطلعون رد فعل كبير فيما إذا ألغى الرئيس المنتخب للقواعد المتعلقة بهجمات الطائرات دون طيار التي وضعتها الإدارة السابقة أو قيامه بمحاولة إعادة تشغيل برنامج التعذيب الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية، وتتواجد مثل تلك المخاوف لدى وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان