شعار قسم مدونات

قرن من الزمن على أول حرب طائفية في العراق

blogs - iraq
تعتبر خارطة العراق السكانية والتركيبة البشرية الغير متجانسة مذهبياً وقومياً؛ إحدى الأسباب الأساسية والمشكلات الرئيسية التي تساعد المتربصين من تنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم بكل سهولة في بلاد الرافدين.

الخلافات المذهبية والحرب الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2006 و 2007 لم تكن وليدة لحظة غضب طائفة على طائفة أخرى إطلاقاً، بل هي نتاج لتراكم عدد من المؤامرات الخارجية ضد بلد يطفو على بحر من البترول، ومنه انطلقت مختلف الثقافات العالمية وليست العربية، بل ومن أرض السواد تعلم العالم الكتابة والقراءة وفي العراق يوجد عشرات الانبياء والمرسلين، هذه الأشياء لم يتركها العالم والقوى العظمى ليتمتع بها العراقيون بل أصبحت نقمة على عليهم.

كان أحد طلبة مرحلة الدكتوراة ينبش في أرشيفات وزارة الخارجية البريطانية في لندن بحثاً عن وثائق تعزز أطروحته عن تاريخ العلاقات بين بريطانيا والعراق.

كبارنا أصبحوا طائفيون قتلة وعنصريون مرتزقة لا يوجد في قاموس حياتهم شيء يتكلم عن المصلحة العليا؛ بل ما يشغلهم هو مصالحهم الشخصية.

فوجد الباحث مذكرة سرية تعود لعام 1906 قد رفع حظر النشر عنها لأن عمرها أكثر من 50 عاماً.

المذكرة مرسلة من الممثلية البريطانية في بغداد التي كانت ولاية عثمانية فليس فيها سفارة تقول المذكرة الآتي: في أيام عاشوراء (وهو ذكرى مهمة وحزينة جداً بالنسبة لشيعة العراق) سنة 1906 نشبت معركة طائفية بين تجار سوق الشورجة في بغداد.

سبب المعركة: إلقاء شخص مجهول لسمكة من صنف الـ "جري" وهو صنف من الاسماك المحرم أكلها لدى الشيعة والذي يعتبره حرام في "حِب" الفخار المخصص لشرب الماء والذي يشرب منه زوار يوم عاشوراء.

اتهم تجار الطائفة الشيعية زملاءهم من الطائفة السنية بوضع السمكة عمداً من باب الاستفزاز.
سبب الاتهام شتائم ثم ضرب وتطور الى قتلى جرحى!

بعد سقوط ضحايا وجرحى؛ تمكّن حكماء المذهبين من تهدئة الأمور بعد أن دامت هذه الأحداث لعدة أيام.

المذكرة تعترف بأن البعثة البريطانية في بغداد هي التي كلّفت أحد خدمها الهنود بوضع سمكة الـ "جرّي" فجراً تحت جنح الظلام في الـ "حب الماء" لإشعال الفتنة الطائفية بين التجار الشيعة والتجار السنة.

نجحت الحيلة البريطانية وخطتهم الخبيثة التي تسببت بمقتل وجرح عشرات العراقيين بمختلف طوائفهم وقومياتهم؛ لأن العقول كانت مهيأة لذلك، وللأسف الشديد أصبحنا نحن العرب نعترف أن عقولنا قابلة لاكتساب كل ما هو مدمر لبلداننا، واستيراد كل ما يساعد على توسعة حجم الفجوة بين مكونات وتوجهات الشعوب، بل لا يزال الغرب يتلاعب بنا كأحجار الدومين!

في ذلك الزمان كان هناك حكماء من الجانبين لتلافي أسوء الحالات، أما الآن فلا وجود لمن يتحلى بالحنكة وحسن التصرف ونبذ التفرقة المذهبية والقومية والعشائرية، فكبارنا أصبحوا طائفيون قتلة وعنصريون مرتزقة لا يوجد في قاموس حياتهم شيء يتكلم عن المصلحة العليا؛ بل ما يشغلهم هو مصالحهم الشخصية وتوجهاتهم الحزبية المريضة، في حين عامة الشعب هم مسالمون متسامحون يجهلون طريق الخصام.

هذه هي قصة الطائفية في العراق منذ عام 1906 إلى غاية كتابة هذه المدونة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.