شعار قسم مدونات

في البدء.. كانت (TEDx) جامعة باتنة

blogs - مؤقت
1- "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"
التأصيل بالنسبة لي، هو أن أبحث لكل شيء في حياتي عن إسقاطٍ له في القرآن الكريم، وهذا الحدث، بهذا المفهوم، الذي اعتمدت عليه مباردرتكم، أرى له إسقاطه القرآني أيضًا: يقول عز من قائل في سورة الكهف في ذِكرِ قصة سيدنا موسى مع الخضر: "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"!

دومًا كنتُ أبحث عن ذلك الخِضْر، الذي أتبعه على أن يعلمني مما عُلِّمَ رُشْدَا، وما يحفزني للمشاركة في هذا الحدث، هي أن هذه المبادرة هي فرصتي لإيجاده. كان هذا جوابي، على سؤال استمارة المشاركة: لماذا ترغب بالمشاركة في تيد أكس جامعة باتنة. وحدث أن حظيت بفرصة المشاركة..

كانت البداية عميقة جدًا، بكلمة لأحد المساهمين في هذا الحدث موجهًا إياها للمنظمين، قال أن أول جملة تبدأ بها فرق تحرير الرهائن مساومتها مع الخاطفين هي: "أثبتوا لنا أن الرهينة على قيد الحياة" وهذه المبادرة، سواء نجحت أم لم تحقق ذلك النجاح المنشود، هي إثبات لأنفسكم أنكم على قيد الحياة. صحيح، كما يحدث في البدايات عادةً، قد تكون بعض النقائص سُجِلَت في هذا الحدث، لن أتحدث عنها هنا، فقط سأحاول التركيز في هذا المقال على الجانب المشرق منه.

2- "إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ"
نبقى دومًا في سورة الكهف، قبل قصة سيدنا موسى مع الخضر، نقرأ قصة فتية الكهف. إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ، نعم إنهم فتية بكل ما تحمله كلمة فتية من نشاط وعنفوان، من تفكير مختلف –أحيانًا كليًا- على ما هو سائد، من ثورة على كل عُرفٍ زائف، وتحريك لكل ما هو راكد. إنهم فتية، منظمون، متحدثون ومشاركون.. إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بقدراتهم، فانطلقوا.

تقف من مقعدك وأنت تردد جملة واحدة، الآن وقد أُوتِيتُ من كل شيء سَبَبَا، لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ ما بلغوا..

3- "فَانْطَلَقَا"
عن قصة سيدنا موسى مع الخضر، يقول الدكتور أحمد خيري العمري: "سيدنا موسى عندما طلب العلم من الخضر، لم يذهب إلى صومعة معزولة في قمة جبل، لا، بل انطلقا إلى الواقع".. الانطلاق بهذا المفهوم، لا يكون بمجالسة التلميذ لأستاذه في برج عرج عائم في النظرية بعيد عن الواقع، الانطلاق بمفهوم تجربة سيدنا موسى، هي أن تعيش معهم تجاربهم وأفكارهم.

أن تعيش معنى الاختلاف مع عبد المنعم إيدير، صحيح، لعله أشار للاختلاف المنبوذ بيننا، ولكن الفرقة الموسيقية تأتيك لاحقًا لتكمل لك الصورة، لتجسد لك الاختلاف في معناه الإيجابي، أن ترى كل آلة موسيقية في يد عازفها تختلف عن الأخرى في شكلها ونوتتها، ولكنهم مع بعضهم، ببعضهم، يشكلون سمفونية رائعة، تعجز عنها كل واحدة على حِدَاهَا. أن تتغلب على العوائق الذهنية الجاثمة على أحلامك، وأن تذهب بكل ثقة، وتطلب (الكريك) من المهندس يوسف لكحل إن أصابك عطل ما.

أن تدخل البورصة مع رفيق شعالة، بورصة مختلفة كليًا، تغير فيها عملة تعاملاتك من العملة النقدية إلى العملة الزمنية، أن تقيس كل شيء بما سيستهلكه من عمرك، لا ما يسهتلكه من مالك. أن يعلمك أكسل منصوري بخوفه وكآبته، وبكهفه المظلم، كيف تحول خوفك وقلقك إلى عمل إبداعي، كيف تجعل منه أثرًا خالدًا. أن تضحك -بوعي- مع المبدع الرائع شعيب يوسف، على النجاح الذي لا يأتي بالضرورة بعد الفشل، عن النجاح الذي يبدأ بلا شيء، عن الأمان الذي هو أقصى درجات الخوف، عن برجك العاجي الذي يمنحك ثقة مزيفة بنفسك، وعن نزولك للواقع الذي يريك إياها على حقيقتها.

أن ترى في خطوة تخطوها، ذلك الأثر في يد الفنان أمين عيتوش، يوم غرس أبوه القلم في يده، وقال له: هذا لتتذكر ألا تعود للبيت وأنت لم تنجز ما خرجت من أجله. وفي الأخير، وفي كبسولة زمنية، تعود مع الأستاذ عبد الوهاب معطار 24 سنة إلى الوراء، أن تعيش معه تناقضاته، أولى بوادر الأزمة، أن تعي أزمتك الخاصة، تحس بخطرها، تغذي فيك الاستفزاز الخارجي الذي يقودك إلى إيجاد حلول لها.

4- "لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ"
تعود من رحلتك إلى تجاربهم وأفكارهم، وتَحُطُ بك كبسولة الزمن، يفتح بابها، ويغلق الستار عن الحدث.. تقف من مقعدك وأنت تردد جملة واحدة، الآن وقد أُوتِيتُ من كل شيء سَبَبَا، لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ ما بلغوا.. المستقبل لهؤلاء الفتية.. المستقبل لنا.. المستقبل، كما قال رفيق شعالة في نهاية مداخلته: المستقبل يبدأ مع نهاية هذه الجملة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان