يضحكني بحجم المأساة ما أشاهده وأسمعه في إعلامنا الأردني "الجريء" من إعلانات للبرامج الحوارية التي لا تعرف الخطوط الحمراء، والتي تسعى وراء الحقيقة أينما وجدت حتى وإن استقرت في جوف نملة حمراء أيضا، ويضحكني أكثر ذاك الصوت الجهوري المغلف بالفخر والثقة والتصديق الذي يردد كلمات من قبيل "جرأة الطرح" و"صراحة" و "الحقيقة أينما وجدت".
القضية هي هل الأردن أولًا أم أولًا الأردن؟! فبُهتَ الذي كفر والذي آمن والمنافقون وبقيةٌ من الأحزاب! لا أدري أهذا هو اللون الآخر أم لا؟ |
وكم يصدع أولئك الإعلاميون من مقدمي برامج وكتاب ومحللين رأسي بالحديث عن حرية الإعلام في هذا البلد، والديمقراطية التي يحسدنا عليها الغرب قبل الشرق، وتقتلني الحيرة ساعتها أهذا صدق أم أنني أعمى أو يعميني الحقد؟ فلم لا أرى في هذا الإعلام إلا لونا واحدا فقط؟!
أهي ذات مشكلتي مع الألوان؟ هل العيب في عيني قصيرتي النظر عن المنجزات اليومية حينا بعيدتيهما عن المستقبل الواعد أحيانا؟ أما أنه في عقلي المريض الذي يحكمه الهوى والرفض المسبق لكل شيء كوني إنسانا تتحكم فيه الطاقات السلبية؟
ربما يستضيف التلفزيون الإخوان المسلمين في أوقات تشاء الصدف أن لا أستطيع مشاهدتهم فيها في السنوات المائة الأخيرة، وربما يعبر الحراكيون عن رأيهم ولكنني وقتها أكون منهمكا في مشاهدة المسلسلات رغم تطليقي إياها مذ بلغت العاشرة! ولربما كان الرأي الآخر حاضرا ولكني كمغرض غير منتم لهذا الوطن أنكر كل إنجاز وأتصيد في الماء العكر!
الرأي الآخر، لا أدري كيف يكون وقد سمعت يوما أطرافا متحاورة تنزّل وحي الإبداع على بعضها فنهض متسائلا أن أيها الأخوة في هذا الوطن، القضية هي هل الأردن أولًا أم أولًا الأردن؟! فبُهتَ الذي كفر والذي آمن والمنافقون وبقيةٌ من الأحزاب! لا أدري أهذا هو اللون الآخر أم لا؟ لست أراه إلا صراع الأحمر مع الأحمر أيهما أكثر "حمرة"! وللقارئ اختيار ما يهوى من معانٍ وأوصاف، وإنما الأعمال بالنيات.
إلى أولئك السادة المستخفين بعقولنا، الجاثمين على الشاشات والصحف والمواقع الإخبارية، المتحكمين بما نشاهد وبما نسمع وبما نقرأ، إنني وإن جهلت معظم الألوان إلا أنني أعرف الأحمر جيدا وإن وصفتُ به الكثير من الأشياء ظلما، فحجم الدماء الذي نراه كل يوم يجعل من الكفر بمكان الشك بهذا اللون، فلست أؤمن بما تزعمون من تجاوزكم لخطوط حمراء هي في الحقيقة "فوشي" أو "برتقالي" أو حتى "كوكحي"، ولكنها حتما ليست حمراء، وليس يراها كذلك إلا من كان من ذات اللون، وهذه المرة فالمعنى يتيم. نعم، هو كذلك بالضبط كما فهمتم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.