لا، لا يوجد ما يُسمى بسن كبير على تعلم أي شيء
للتبسيط، يُمكننا تصوّر وجود عضو في المُخ مسئول عن عملية التعلّم، وطالما أنت تستخدم هذا العضو فسيظل يعمل. هذا يعني أن الطريقة الوحيدة للحفاظ على "القُدرة على التعلّم" هي بالاستمرار في التعلّم، وهو ما يعني أيضًا أن التوقف عن التعلّم لفترة طويلة سيؤدي لفقدان هذه القُدرة.
الاعتقاد الكارثي الشائع بين أغلب الناس هو أن التعلم ينتهي مع التخرج، أو بعبارة أدق "يجب" أن ينتهي مع التخرج. لا عجب إذًا في أن نرى ذلك التناقص التدريجي في القُدرات العقلية وصعوبة التأقلم مع الجديد بعد التخرج بعدة سنوات، والذي يرجعه الناس للتقدم في السن، في حين أن السبب الحقيقي هو التوقف عن التعلم. حتى في حالة أفراد تصل أعمارهم للـ 90، أولئك من يُضيفون لاهتماماتهم "باستمرار" ما يفرض عليهم تعلم أمورًا جديدة يحتفظون بقدرتهم على التعلم [1] "وهو ما قد يُفسر أيضًا لم أن العاملين في مجال البحث العلمي يحتفظون بقدراتهم العقلية حادة لوقت أطول بكثير من غيرهم".
تعلّم لُغة جديدة في عُمر كبير لا يُساعد فقط على الحفاظ على قُدراتك العقلية لفترة أطول، بل قد يكون سببًا في منع إصابتك بالزهايمر |
التعلّم يُجبر المُخ على العمل ويُخرجه عُنوة من "منطقة الراحة". منطقة الراحة هي المنطقة التي لا يحتاج مخك فيها للقيام بأي شيء، وهي تشمل كُل الأعمال المألوفة بالنسبة لك، وخصوصُا تلك التي تقوم بها بناء على "خبرة" "وهي في هذه الحالة مُجرد تسمية لطيفة لعمل آلي تقوم بها بدون الحاجة للتفكير". هذا الأمر لا يقتصر على الوظائف غير التقنية فحسب، بل يشمل الوظائف التقنية كذلك -الهندسة مثلًا- وذلك لأن نمط التوظيف واحد في أغلب الأحيان: أنت تقوم بشيء واحد فقط وتكرره إلى ما لانهاية. (كمعلومة جانبية، هذا هو السبب الرئيسي في أن العديد من الوظائف ستختفي خلال السنوات القليلة القادمة، لأن الآلات ستقوم بها بشكل أرخص وأدق).
لا يُشترط أن تنقطع للدراسة من أجل التعلّم لتحصل على فوائده "مع التأكيد على أن الفوائد التي تحصل عليها من الدراسة الجادة لا يُضاهيها أي شيء آخر". أشياء ببساطة القراءة "بانتظام" في مجالات مُختلفة عن مجالك، أو إضافة هوايات جديدة تتطلب منك قدرًا من التعلم قبل ممارستها، يُمكنها أن تُعطيك التأثير الإيجابي المطلوب.
تعلّم اللُغات أيضًا له أهمية خاصة، هُناك العديد من الأسباب وراء تعلّم اللُغات: الحصول على وظيفة، الدراسة، التعرف على ثقافات جديدة.. إلخ، ولكن ما لا تعرفه هو أن تعلم لُغة جديدة يعمل حرفيًا "كعلاج طبي وقائي"، تعلّم لُغة جديدة في عُمر كبير -نعم، عُمر كبير- لا يُساعد فقط على الحفاظ على قُدراتك العقلية لفترة أطول، بل قد يكون سببًا في منع إصابتك بالزهايمر [2].
لا يُمكننا إنكار أن الدافع للتعلم يقل كثيرًا بعد التخرج، ولكن لهذا السبب تحديدًا يجب أن يستمر المرء في التعلم. أي شيء تتعلمه، أي شيء، سيعود عليك بفائدة ستستمر لعقود، كما يقول أندرو إنج في إجابته الرائعة جدًا عندما طُلب منه إسداء نصيحة للطلبة [3]، والتي جاءت أشمل بكثير من مجرد نصيحة، لترسم أسلوب حياة يُمكن لأي شخص في أي عمر اتباعه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.