شعار قسم مدونات

الشهرة والمشاهير

blogs - mans

نحن حالياً نعيش بين صنفين  أو لنقل جيلين من الناس؛ جيل القراءة وجيل المرئي والمسموع. فأما جيل القراءة فهم من يستخدم القراءة للبحث عن المعلومة، فتجدهم مثقفين مملوئين بالمعلومات أنيقي الحديث، يتفننون في اختيار الكلمات وفي صياغة المعاني.

أما جيل المرئي والمسموع؛ فهم من يجلسون أمام التلفاز أو يستمعون للمذياع يستقون المعلومات جاهزة من هنا وهناك، وربما البعض سُلبت منه ملكة التفكير.

لِم قمت بتمييز هذه الفئات؟ تابعوا معي يا سادة.. سابقاً عاصرنا جيل رائع من الأدباء والفنانين والكتاب كان ما يقدمونه هو بواباتهم للشهرة، ثقافتهم منحتهم مخزون كبير من التعابير والكلمات أتاحت لهم أن يوصلوا قضاياهم وافكارهم لنا بقالبٍ جميل من خلال رواية أو عمل مسرحي أو حتى قصيدة جميلة.

بعض المجلات والصحف كانت مبيعاتها قائمة أصلا على بعض هؤلاء الأدباء، والقراء كانوا ينتظرون بفارغ الصبر كل جديد يصدر عنهم، والأمثلة كثيرة لا قدرة لي على حصرها. وبعض الأعمال تم إعادة طباعتها أو إعادة عرضها مئات المرات، ومنها ما زاد عمره عم مئات السنين وأيضاً الأمثلة كثيرة لا قدرة لي على حصرها.

يقول هاميلتون في نظرية القطيع، إن الفرد الضعيف يتبع الفرد القوي والفرد الغير مشهور يتبع الفرد المشهور فقط لأنه مشهور.

يقول أحدهم "إن أسرع طريق للشهرة هي الانتحار".. نعم لا تستغربوا يا سادة فالانتحار سيجعلك مشهوراً خلال ساعات ولكن كيف؟ بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمون طريقة "الانتحار الاجتماعي" عن طريق الخروج عن المألوف، والتغاضي عن الخطوط الحمراء الدينية أو الاجتماعية على حد سواء فيقدمون تغريدة أو منشوراً سيئة أخلاقيا أو رسماً غير مقبول من أحد فينقسم الناس بين قسمين:
 

الأول يوافق على ما نُشر، فينشر ويعلق إيجاباً والثاني يرفض ما نُشر وينشر أيضاً ويعلق سلباً، وفي كلا الحالتين قام الجميع بجعل ذلك الشخص مشهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تضم الملايين من الأعضاء والمشاركين، فإن سألنا أنفسنا ماذا لو قمنا بتجاهل ذلك المنشور وتجاهلنا صاحبه؟؟ بكل بساطة لن يبارح مكانه ولن يسمع به أحد.

تقول القاعدة إن المشاهير هم مرآة لمجتمعهم، فهل هؤلاء المشاهير الذين يمارسون الانتحار الاجتماعي مرآة لنا؟

يقول هاميلتون في نظرية القطيع، إن الفرد الضعيف يتبع الفرد القوي والفرد الغير مشهور يتبع الفرد المشهور فقط لأنه مشهور، ومواقع التواصل الاجتماعي احتضنت الكثير من المنتحرين اجتماعيا الذين ربما كانوا من الذكاء أن يستخدمو هذه الطريقة بوابةً لشهرتهم وقد نجحوا في ذلك.

الازياء، المكياج، الإلحاد، الجنس، هي أكثر المواضيع التي نالت شهرة لا يستهان بها في العالم؛ وبالتالي على مواقع التواصل الاجتماعي. ولا تستغرب حينما يفقد كبار السن الثقة في الأجيال الجديدة فاهتماماتهم دلت على قدراتهم من خلال من يتبعون من المشاهير.

لنترك عنا المنتحرين ولنخرج من القطيع فليس كل مشهور يمثلنا وكم من مغمور كان للمثال عنوانا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.