شعار قسم مدونات

الإسلاميون والمجتمع

فن إسلامي

الذين يوجهون سهام النقد اللاذع للإسلاميين ربما تناسوا أن المجتمع الذي نشأت فيه الحركات الإسلامية قد مر بتجريف حضاري وتجهيل ثقافي وتشويه للهوية متعمد ومخطط بعناية ودقة.

وسواء شاركت السلطة و نخب المجتمع في هذا الإثم أو تحالفوا مع الغرب لتنفيذ هذا المخطط أو لا فالنتيجة هي مجتمع مضطرب ومشوه. الإسلاميون كغيرهم هم من نسيج هذا المجتمع ولبنة في بناءه يصيبهم ما أصابه من تشوهات ثقافية وعقائدية، وقد اقتضت سنة الله أن الرسل حتما من أبناء قومهم والآيات الدالة على حكمة هذة السنة عديدة فمن غير الحكمة أن يكون الرسول ملكا مقربا يدعوهم لعبادة الله فيغيب عن الناس حرية الاختيار ويجبروا على الطاعة فيغيب جوهر الإيمان بالله وهو الحرية.

على من ينتقد أن يستمر في نقده فبه تصحح الحركات الدعوية والجهادية مسارها

على من ينتقد أن يستمر في نقده فبه تصحح الحركات الدعوية والجهادية مسارها، وعلى قادة الحركات أن تستمع بصدر رحب إن هي أرادت لحركتها وأمتها دوام الإستقامة، ولكن ينبغي الالتفات لحقيقة أنهم أبناء مجتمع مريض يحاولون وصف الدواء وهم أيضا بحاجة ماسة لهذا الدواء.

لن يكون الإسلاميون ملائكة بدون أخطاء ولا ينبغي النظر لأنفسهم أنهم كذلك مهما وصلوا من خبرات أو علوم شرعية أو دنيوية، بل عليهم دائما أن يتذكروا أنهم أبناء مجتمع قد نال منه تجريف خلقي وهم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، وعليهم هم فقط تصحيح المسار.

نعم الإسلاميون مصابون بأمراض اجتماعية ونفسية وهي عين أمراض مجتمعاتهم وبالرغم من ذلك تقع عليهم مسئولية شفاء هذا المجتمع وعليهم أيضا أن يتجعروا هذا الدواء وإن كان علقما وإلا تحولوا لآلات نصح لا روح فيها ولا يمكن اتباعها.

إن أولى الناس بتشخيص أمراض الحركات الإسلامية هم أهل هذه الحركات وعلى الرغم من ذاك فلا ينبغي التحول عن تشخيص آخر حتى وإن كان من خصم أو عدو فالنظر في الآراء الأخرى، والاستفادة من النقد والانتقاد هو أمر حيوي بل هو غاية الأهمية وحتى وإن كان مؤلما بعض الشيء فحقيقة أن يستمر المرض دون تشخيص وعلاج هو أشدا ألما على المدى البعيد.

إن حقيقة أن نعي مسؤوليتنا تجاه المجتمع كقيادة شرعية له لا يجب أن تنسحب على التعالي عليه والتقليل من شأنه، بل يجب أن تكون منطلقا للتواضع له والتقرب منه كذلك فإن وضع الحركات الإسلامية ككيان مستقل لا يجب أن تعزلنا عنه أو تميز منه، وخاصة في ظاهر السلوكيات كاللبس واللغة فيضيع مضمون القدوة، بل إن التميز يجب أن ينحصر في حسن الخلق بكافة اشكاله وصوره.

والنظر لتعددية الحركات الإسلامية ينبغي أن يكون على أساس أنه أمر واقع لا مفر منه فلو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة فالاختلاف أمر قدري محتوم، و يمكن اعتباره كاختلاف شخصيات الصحابة رضوان الله عليهم فنجد مثلا من الصحابة من اشتهر بالعلم وكثرة الروايات عن رسول الله صلى الله علية وسلم كأبي هريرة الذي لم نجد له تاريخا في الحروب، والغزوات بينا نجد من كان قائدا عسكريا فذا كخالد شحيحا جدا في مروياته وحفظه.

 الحركات الإسلامية كالبستان الذي تتنوع فيه الفواكه والثمار وهذا التنوع أيضا نجده في المجتمع الواحد ويجب النظر إليه باحترام وتقدير.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.