شعار قسم مدونات

تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة "بلا مِنّة وتَشَدُّقٌ "

blog كرسي متحرك

يعتبر تعليم الفرد عنصراً من العناصر الأساسية التي تعكس ملامح التطور في أي بلد كان، وبفضل العلم والتعلم تغيرت كثير من الأمور الحياتية واصبح الإنسان المعاصر ينعم بكثير من الامتيازات والراحة والرفاهية، وفرتها له التكنولوجيا الحديثة وصار بمقدوره أن يتصل بكافة أنحاء العالم بسهولة ويسر ويحصل على المعلومة التي يريدها عبر وسائل الاتصال المتاحة.
 

لهذا يجب أن ينظر العالم العربي إلى تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة بأنه خدمة واستثمار في الوقت ذاته، فهو خدمة واجبة الأداء لكل فرد من الاشخاص المعوقين كحق من حقوق الإنسان وهو استثمار وفي أغلى ما تستثمر فيه دوله مواردها وقدرتها ألا وهو الإنسان.

والابتعاد عن التغني والتشدق بمنجزات ما زالت على الورق ولم ترى النور بعد، أو نستند على تجارب فردية ونجاحات حققها البعض لننسبها إلى سياسة التعليم والتطور في تقديم الخدمات لأبنائنا من الأشخاص ذوي الإعاقة.
 

لا يتأتى النجاح إلا بإخلاص النية في العمل والرغبة الأكيدة في النهوض بتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة والارتقاء بهم دونما رياء أو تشدق.

والناظر لواقع تعليم الأشخاص المعوقين في المنطقة العربية يكتشف حجم التأخر والتأزم في العملية التعليمية التي لم تستند لمرجعية أو معايير مقننة تحقق فرصاً أكثر للأشخاص المعوقين في التحصيل الدراسي على كافة المراحل.
 

وتظهر بوضوح في تعليم الصم وهي الشريحة الأكبر نسبةً لعدد المعوقين في المنطقة العربية، وبنظرة فاحصة متمعنة لواقع التعليم عند الصم نكتشف واقعاً مؤلماً ويظهر مدى عجز سياسات التعليم في الارتقاء بهذه الفئة، كذلك عجز المدرسين والمربين من قلة الإمكانات وقلة الحيلة وما احوجنا للوقوف مع النفس من متخصصين وتربويون وواضعي السياسات التربوية لتقييم المناهج المقدمة للصم والتي ولغاية الآن لم تصل بهم إلا لمرحلة القراءة والكتابة الصماء.

لهذا كله نرى إن العمل في إطار تكاملي في ظل توزيع دقيق للمهام وسيادة روح التعاون والتعاضد يشكل أحد أهم سمات التجارب الناجحة مستندين بذلك على حق الفرد في التعليم، ولا يتأتى النجاح إلا بإخلاص النية في العمل والرغبة الاكيدة في النهوض بتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة والارتقاء بهم دونما رياء أو تشدق بمنجزات تم تنفيذها لصالحهم متناسين بأنه حق مشروع لا منه فيه ولا إحسان.

لذا وجب علينا الاتجاه إلى تطوير سياسة تعليم الأشخاص المعوقين، بحيث لا يكون تطويراً أفقياً في الكم والعدد ولكن تطويراً رأسياً في المحتوى والكيف، كما يجب علينا الاهتمام بتدريب وتأهيل الكوادر المتخصصة ليستطيعوا القيام برسالتهم التربوية على أكمل وجه، وهذا لن يتأتى الا بالإعداد والصقل وإلحاق المعلم المختص بدورات تدريبية، كذلك التعرف على تجارب الآخرين والبدء من حيث انتهوا، ونعمل على التطوير بكل الاتجاهات البشرية والمادية، ولا نكتفي بمقولة أننا نُعلم بل ماذا نُعلم وكيف نُعلم؟

يشير التقرير العالمي حول الأشخاص ذوي الإعاقة أن هناك معوقات كثيرة تقف أمام الأشخاص ذوي الإعاقة من الالتحاق بالمدارس أو الوصول لمراحل التعليم العالي، ويبرر التقرير هذه المعوقات بسبب ضعف سبل الوصول للخدمات بالتالي إنجاز تعليمي أدنى ويشير التقرير بوضوح إلى:
زيادة في عدم الالتحاق بالمدارس بين الأطفال ذوي الإعاقة عنه بين نظرائهم من الأطفال غير المعاقين، مع تدني معدلات استمرارهم وترقيهم في السنوات الدراسية.

أما الثغرات المتعلقة باستكمال التعليم فتتواجد على مدى جميع المراحل العمرية في كل من البلدان المنخفضة والمرتفعة الدخل، وتظهر بصورة أوضح في البلدان الأشد فقراً. ويتراوح الفرق بين النسبة المئوية للالتحاق بالمدارس الابتدائية بين الأطفال ذوي الإعاقة والأطفال غير المعاقين بين 10 بالمئة في الهند و60 بالمئة في إندونيسيا.

 

سوف يسمح للأشخاص ذوي الإعاقة بالمشاركة في التعليم، والعمل، والحياة الاجتماعية، مخففاً بذلك من العزلة التي يعيشون فيها.

أما بالنسبة للتعليم الثانوي فيتراوح الفرق بين 15 بالمئة في كمبوديا و58 بالمئة في إندونيسيا، وحتى في البلدان التي ترتفع فيها معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية، مثل بلدان أوروبا الشرقية، فإن العديد من الأطفال ذوي الإعاقة لا يذهبون إليها، ولا تتوافر الكثير من احتياجات الاتصال والتواصل الخاصة بذوي الإعاقة.

 

فعلى سبيل المثال فان الأشخاص الصم يعانون من صعوبة الحصول على تفسير أو ترجمة للغة الإشارة، وفي مسح أجري في 93 بلداً، كان 31 بلداً منها لا تتوافر بها أية خدمات لترجمة لغة الإشارة، بينما كان هناك 30 بلداً بها 20 أو أقل من المترجمين المؤهلين للغة الإشارة. لهذا نتساءل كيف سينقل لهم العلم والمعرفة طالما انعدمت وسيلة التواصل وهي اللغة.

كما يقترح التقرير حلولاً تحد من المعوقات التي تعترض الاشخاص ذوي الإعاقة من خلال إيجاد بيئات ممكنة، ويؤكد التقرير العالمي "إن إزالة العوائق في المرافق العامة ووسائل النقل، وفيما يتصل بالمعلومات والاتصالات سوف يسمح للأشخاص ذوي الإعاقة بالمشاركة في التعليم، والعمل، والحياة الاجتماعية، مخففاً بذلك من العزلة التي يعيشون فيها ومن اعتمادهم على الغير.
 

وفي كافة المجالات، فإن المتطلبات الرئيسية للتصدي لصعوبات الإتاحة والوصول للخدمات والحد من المواقف والاتجاهات السلبية تتمثل في تحديد معايير الإتاحة، والتعاون بين القطاعين العام والخاص".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.