حينما اتسعت دائره الأحداث في العالم وخصوصا في الشرق الأوسط كان من السهل على الجميع تتبع الأحداث ومعرفه أين يقف الغرب منها وكيف يصنفها ويتعامل معها بأدواته الخاصه به في كل دولة.
ولعل بروز الإسلامين في هذا القرن وعلى الأخص في العقود الأخيرة منه قد كشف حقيقة المواقف والنوايا المبيتة ضد الإسلام وأهله من قبل الدول الغربية المادية مستخدمه بذلك كل أدواتها على الرغم من الإدعاءات التي يطلقها الغرب باسم السلام والحرية والعدالة.
وقد صار من الوضوح بمكان أن يدرك الإنسان بعضاً من مظاهر هذا العداء والتصدي للشعوب الاسلاميه من قبل الغرب وذلك عبر النهيق والصياح، والتخويف من الإعصار المدمر الذي يوشك أن يقتلع جذور السلام والحضارة والمدنية هنا أو هناك، بالإضافة إلى ما يلمسه المرء من خلال عمليات بث الكراهية والاستعداء والمواجهة والتدخل العسكري المباشر وغير المباشر وإنشاء ذرائع ومسببات لهذا التدخل او الاستهداف ضد المسلمين بشكل عام وتشويه صورة الإسلام من خلال وسائل الإعلام، وتصويره على أنه دين الإرهاب وسفك الدماء.
صار من الوضوح بمكان أن يدرك الإنسان بعضاً من مظاهر هذا العداء والتصدي للشعوب الاسلاميه من قبل الغرب |
كما أن هناك دلائل تفيد حصول اختراقات للجماعات "الإرهابية" من قبل الأجهزة الاستخباراتية الغربية، والتي استفادت دولها من التفجيرات الإرهابية في العالم الإسلامي، وجعل الإسلام الأصولي فزاعة لتحقيق أهدافها وغاياتها وقامت بتسليط الأضواء على جماعات إسلامية زائغة وضالة تقوم بقتل المدنيين وترويج صورة ممسوخة ومشوهة عن الإسلام، الذي يحرم قتل النفس بغير الحق ويعطي الأمن والأمان لكل رعاياه بما فيهم غير المسلمين.
وهذه الجماعات بذاتها يشك في كونها مخترقة بل وموجهة استخباراتياً على مستوى القيادات، وهي تستهلك الشباب المسلم المتحمس الطائش وغير المتمكن من علم الدين وقوداً لها. وقد تحقق ذلك إلى حد بعيد، حيث أن عدداً كبيراً من المسلمين بشكل عام بات يرفض تطبيق الشريعة نتيجة الترويج للصورة المشوهة للحكم الإسلامي كما عملو على تكثيف الغزو الثقافي للعالم الإسلامي بكافة الاشكال الممكنة وذلك لتحقيق هدف واحد ذو مظاهر عدة.
فالهدف هو إبعاد المسلمين عن دينهم، والأشكال المتعددة هي: الإلحاد والتنصير والتمييع الديني وتعديل المناهج الإسلامية وفق ما يرونه هم لا المسلمون مناسباً وإلهاء المسلمين عن دينهم
وتكريس انقسام المسلمين وقمع ثوراتهم، حيث أن القوى العظمى ركبت موجة الثورات في بادئ الأمر، حتى ظن البعض أن هذه الثورات من صنع الغرب وحلفائها.
إلا أن تلك القوى سارعت في نجدة الأنظمة العميلة لها وإعادتها إلى سدة الحكم من خلال الثورات المضادة وقامت بشيطنة الثوار وتشويه صورتهم وزج عدد كبير منهم في السجون.غير أن هناك من أبناء المسلمين غير مدركين هذه الحقيقيه والبعض ينكرها والكثير لديهم تساؤلات؟ لماذا هذا العداء؟ ولماذا كل هذه الكراهية؟
لماذا هذا التصدي وهذه الحرب الموجهة ضد طموحات وآمال ورغبات الشعوب الإسلامية؟ إذا كانت الدول الغربية كما تدعي دول محبة للسلام والعدل والحرية فأين هو العدل؟ وأين هي الحرية؟ وأين هو السلام؟.. أين ذلك كله وهي تدس أنوفها في شؤون دول أخرى وشعوب أخرى وبأبشع الصور وأقبحها.
أين هو النضج الحضاري المزعوم وجيوش الاستعمار التقليدي والجديد تضرب هنا وتبطش هناك؟ إن الإدعاء بأن الحضارة الغربية الراهنة هي حضارة تسعى لرفاهية الإنسان وسعادته هو ادعاء كاذب وشعار براق أثبتت الأيام زيفه وكشفت الأحداث تهالكه وأسفرت السنون عن الوجه القبيح لهذه الحضارة المادية العرجاء.
يعرف الغرب ويدرك جيداً أن الإسلام الذي يحاربونه ويسعون لتدميره والقضاء عليه بشتى الطرق كان برداً وسلاماً على البشرية جمعاء |
إن الذين ظلوا يتباهون بالإيمان بالمقولة الشهيرة “قد اختلف معك في الرأي ولكني مستعد لبذل حياتي ثمناً لرأيك” قد كشفت الأيام حقيقة أنهم لا يكتفون فقط بمنع الآخرين عن إبداء رأيهم، بل هم يرغمونهم بأسلحتهم المختلفة على التسبيح بحمد عبقريتهم والتأمين على أدعيتهم وتعاويذهم الشيطانية!!
وما أساليب التجويع والتركيع والضغط والابتزاز التي تمارسها السياسة الغربية إلا أمثلة بسيطة على تلك السلوكيات المنحرفة، التي سارت فيها الحضارة الغربية المادية بشقيها الرأسمالي والشيوعي.
ولأن أوروبا عرفت وجربت الإسلام حين كانت له الغلبة والسيطرة على العالم، وهي تعلم حقيقته ومعناه ولقد عرفته في الحروب الصليبية وخبرته قيماً وسلوكاً.
ويعرف الغرب ويدرك جيداً أن الإسلام الذي يحاربونه ويكيدون له ويسعون لتدميره والقضاء عليه بشتى الطرق والأساليب كان برداً وسلاماً على البشرية جمعاء وأن أسعد أيام البشرية هي تلك التي حكمها الإسلام.
نعم لقد عرفوه سيفاً صارماً أيضاً، ولكن على رقاب قطاع الطرق ووحوش الغاب وكل الظالمين الذين استعصى علاجهم إلا على السيوف. هم يعرفون أن الإسلام يعني العدل والحق والحرية الحقة والسلام الحق لا الشعارات المزخرفة والكلمات الجوفاء وذلك ما يخشونه وما لا يطيقونه لعلة لا يريدون التسليم بها..
إن الحضارة المادية الغربية قد صارت حضارة قاسية جافة لا تعرف إلا المصلحة والمنفعة المادية وان استخدمت الشعارات العالية المنادية بالقيم الخيرة فليس إلا من أجل تحقيق مصالح معينة والوصول إلى مآرب محددة. أما إذا تعارضت القيم مع مصالحهم فالويل للقيم وأهلها في عالم تسيطر عليه الحضارة الغربية واسألوا سورياء والعراق وقبلها فلسطين ان كنتم لا تعلمون.
ومن هنا نستطيع أن نفهم موقف الغرب من الإسلام وندرك سر هذه الحرب الشعواء التي يشنها لرد زحفه المقدس صوب إنقاذ البشرية من التيه والضياع والشقاء الذي آلت إليه على أيدي التسلط الغربي الأرعن، فحقيقه الأمر لديهم أن الإسلام يشكل تهديداً كامناً للمصالح الغربيه ولكنه ليس ظاهراً بالفعل في حيز الواقع، وذلك لعدم وجود كيان قوي يمثل قوة عظمى تقوم على أسس ومبادئ الإسلام.
الحضارة المادية الغربية صارت حضارة قاسية جافة لا تعرف إلا المصلحة والمنفعة المادية وإن استخدمت الشعارات المنادية بالقيم الخيرة |
إلا أن الغرب أراد أن يقمع ذلك ويمنعه بكافة الأشكال، لأن الكيان الإسلامي إن قام فعلياً فإنه سيشكل تهديداً حقيقياً للرأسمالية العالمية، ولكن يبقى السوال هل ينجحون في حربهم؟
في الحقيقة فإن قصارى ما يمكن لهذه الحملة والمكائد العدائية أن تصنعه هو تأخير وإبطاء حركة ذلك الزحف النوراني الاسلامي المقدس، أما تدمير الإسلام وإيقاف زحف الصحوة الإسلامية فذلك ما لن يستطيعوا له سبيلا، لأنه وعد الله "وكان وعد ربك مفعولا" ،"وعدالله الذين آمنو منكم وعملو الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم" فهل تعي أن صالحها وصالح الإنسانيه إن كان يهمها يقتضي منها ان توقف أساليب التعامل العدائيه مع الاسلام وأهله؟
وهل يعي المسلمون أن من الواجب عليهم أن يتعلموا دينهم عقيدة وشريعة ومنهاج حياة، وأن يسعوا إلى تطبيقه ليس فقط في عباداتهم، بل في أعمالهم وعقودهم ومعاملاتهم وأخلاقهم.
كما عليهم أن يستمروا في المقاومة، وأن لا يتخلوا عن حلمهم في تحقيق كيان يقود المسلمين ابتداء من تأسيس الدولة التي تحكم حقيقة بشرع الله لتجسد أبهى صور العدل والإحسان والتعايش والحضارة، كي يعود الإسلام منارة الهدى للعالم أجمع، ولتنتهي حقبة العولمة المظلمة لغير رجعه
"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.