شعار قسم مدونات

من منا يستحق لقب إنسان

الإنسانية والحاجة للضمير

لا تقاس الإنسانية بكلام منمق وضحكة مشرقة وموقف عابر بل تكمن بين حروف تصرفاتك والصوت الهادئ لضميرك، فأن تجعل الإنسانية مبدأ لا هدفا يجعلك تستمتع بتجارب ودروس الحياة حتى أصعبها دون أن تسقط في هوة عميقة تقبر فيها نفسك.

والمبدأ يقول أن تستخدم إنسانيتك كشاعر ينصر ببلاغته حجج الفقهاء حرصا منك على بلوغ سفن النجاة قبل أن تغرق في الفلك الدوار.

أن تكون إنسانا يسعى لخير البشر يعني أن ترسم لنفسك نظرة نظرة مختلفة للحياة من خلال نافذة تصنع إطلالتها أنت، وتبحث فيها عن زوايا جديدة ترى من خلالها فرصة تتبدى في مواقف الحياة طالما أن الحياة مزدحمة بالمواقف.

ولا تكن شخصا عاديا يسارع إلى فتح النافذة لينظر دون أن يرى. ترتقي الإنسانية في بعض الأحيان إلى درجة من القداسة تحاكي أو تكاد قداسة الدين ، فليس شرطا أن تكون أسودا‏ أو‏ أبيضا ‎‏لتلائم طقوس بعض البشر، وليس شرطا أن تكون ملحدا لتقرأ لسارتر، وليس شرطا أن تكون صاحب قلب حنون تساعد الأخرين طالما أنك تستشعر عزمة العمل.

لا تقاس الإنسانية بكلام منمق وضحكة مشرقة وموقف عابر بل تكمن بين حروف تصرفاتك والصوت الهادئ لضميرك

ولا تكن متغافلا أو متكاسلا أو مأخوذا بوساوس، يكفي أن تكون إنسانا لا تثنيك عن إنسانيتك لا تطويق ولا معارضة لتكون أسبق من غيرك إلى مقاومة قسوة البشر دون أن تذوب، وتنصهر في اتجاهها لأنها غالبا ما تكون رد فعل طائش وسلوك فوضوي وإنما الطريق الصحيح أن تتمسك بما حظيت به دون الحيوان لتنكر الأخلاق الشائهة وتكون كل موعظة منك معمدة بماء البركة.

ربما يقرر الإنسان داخلك أن يتخذ طريقه إليك بموقف عابر بينما أنت منكسر أمام حاضر غريب وماض لا يرحم لترسم حرية لمبادئك لا حرية غرائزك. فجمالك في إنسانيتك وأجملها أن تكون جميلا معتدلا.

دع أشعة الشمس تتسلل إليك لتوقظ ما غفا داخلك كأنها تخبرك أن الليل مر وأخذ معه غرور النفس وكبرياءها وحبها للجدل واحتكامها للهوى وتبشرك بانبعاثة جديدة فكما تسقط الورقة من الشجرة تنمو بدلا منها أوراق أخرى لذلك اعتن بنفسك اعتنائك بطفل وليد عند خروجه إلى عالمه الجديد، حيث تعتبر الرضاعة الطبيعية أول خطوة للعناية به، لأن حليب الأم يحتوي على العناصر الغذائية اللازمة لإكتساب المناعة من العلل والأسقام.

تأكد بنفسك أن المحرك الأساسي لإنسانيتك هو أنت ذاتك وليس الآخرين فطالما أن هناك نية صادقة وسير وإحلال للخير وجرأة في الإقدام على استخراج خبايا الإنسان داخلك للارتقاء في سلم الإنسانية فتغلب على ضعف نفسك وعجزها على خوض معركة من شأنها أن تطرح استفهامات متواصلة في نفوس الناس بحيث يجيء الإبداع النابع منك بعد ذلك جوابا لاستفهامهم، لكن هذا لايعفيك من مطاردة التميز في نحت إنسانيتك الخاصة، ليبقى السؤال من منا يستحق لقب إنسان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.