شعار قسم مدونات

أفريقيا تستيقظ

blogs - kenya
رئيس إحدى دول جنوب القارة الأفريقية فى وضع لا يُحسد عليه بسبب تقرير لوسيطة الجمهورية فى بلاده، يتهمه بالفساد المالي والمحسوبية لعائلة ذات نفوذ اقتصادي مهيمن، أصبحت تتحكم فى قرارات تعيين الوزراء ومديري أهم الشركات العمومية فى الدولة.

السيدة الصارمة أصرت على توقيع التقرير وحفظه فى مكان آمن، وطلبت من خليفتها نشره فى أسرع وقت ممكن.

وقبل أن تترك منصبها، بعد مأمورية دامت سبع سنوات، نجحت وسيطة الجمهورية –إثر معركة قضائية طويلة- فى إجبار الرئيس على إعادة جزء من المال العام الذي أهدره فى ترميم مسكنه الخاص، وأثبتت عدم شرعية تحمُّل دافع الضرائب لمصاريف الرفاهية الخاصة للرئيس.

وفى جمهورية بغرب القارة، صوت البرلمان بالإجماع على قانون تصادر بموجبه الدولة أكثر من 100 ألف قطعة أرضية كانت قد مُنحت، بشكل غير مشروع، لرئيس سابق ولبعض أفراد عائلته وحاشيته.
خبران مبشران بإمكانية إحداث تغييرٍمن الداخل لواقع أفريقيا :قارة الحُكام الأغنياء والشعوب الفقيرة.

من العجب العجاب أن بعض هؤلاء الحكام يصمون آذانهم عن كل دعوات الإصلاح الداخلية التي قد تمنحهم مخرجا بأقل الخسائر، ويصرون على دخول التاريخ من البوابة الخلفية.

فحتى وقت قريب، ظلت المعارك القضائية ضد الثراء السريع واللامشروع لأغلب الحكام الأفارقة وحاشيتهم تُدار فى الخارج،أي أمام محاكم الدول التي يهرِّبون إليها ثروات شعوبهم المقهورة (حاليا، يواجه نجل رئيس جمهورية بوسط القارة قضاء إحدى الدول الأوروبية التي صادرت فندقا ومجموعة سيارات فخمة وقطعا أثرية ومجوهرات، تعتقد أن الرجل اقتناها فى عملية تبييض لأموال عامة جلبها من بلاده).

محاولات استرجاع الأموال المنهوبة تصطدم غالبا بتمنُّع الناهبين خلف حصاناتهم الدبلوماسية، وبعدم تعاون الأجهزة القضائية فى بعض الدول الغربية، خاصة تلك التي يختلط فيها حابل السياسة بنابل الفساد.

الأكيد أن الخناق يضيق كل يوم على الحكام الفاسدين الذين وسَّعت محكمة الجنايات الدولية نطاق احتمالات متابعتهم تحت بند جديد هو  "تخريب البيئة والاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية والأراضي" باعتبار هذه التصرفات جرائم محتملة ضد الإنسانية.

وقد استشعر بعض حكام القارة خطر الوعي الداخلي واتساع دائرة الدعم القضائي الدولي، فشرعوا فى إعداد العدة لحملة مناصرة ذاتية و إفلات من العقاب.

ففي القمة 26 للاتحاد الأفريقي المنعقدة فى أديس أبابا نهاية يناير الماضي، وباقتراح من جمهورية كينيا صادق القادة الأفارقة فى جلسة مغلقة على قرار بإعداد خارطة طريق للانسحاب من محكمة الجنايات الدولية. بعد قرارجمهورية بوروندي –يوم 12 أكتوبر الجاري- الانسحاب الأحادي من عضوية المحكمة، لا تزال ثلاث وثلاثون دولة أفريقية موقعة على معاهدة روما المنشئة لهذه المحكمة.

هذه التطورات الداخلية والخارجية تفسر تمسك بعض حكام أفريقيا بكراسي الحكم، ورفضهم لأي نوع من أنواع التناوب السلمي على السلطة، لأن خروجهم منها يعني مزيدا من كشف ظهورهم وصدورهم للعدالة الشعبية والدولية.

ومن العجب العجاب أن بعض هؤلاء الحكام يصمون آذانهم عن كل دعوات الإصلاح الداخلية التي قد تمنحهم مخرجا بأقل الخسائر، ويصرون على دخول التاريخ من البوابة الخلفية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.