شعار قسم مدونات

سيستيم يوك يا آبيه

blogs - turkey
"سيستم يوك" كلمة قد لا تعني لكثيرين سوى أنها كلمة ترجمة لكلمة تركية تعني أن النظام لا يعمل أو أن هناك خللاً في عمله، إلا أنها لشريحة ليست بقليلة من المغتربين في تركيا باتت تنذر بشؤم وكارثة مرتقبة، وهي في الحقيقة برأيي ليست إلا تجسيداً مبسطاً لبيوقراطية القرار والمعاملات في تركيا، وتمثيل للفجوة ما بين الصورة النمطية المطبوعة في أذهان العرب والمندهشين من التجربة التركية، وبين مرارة الواقع وخيبة أملهم حين يكابدون الأمرّين في تسيير معاملاتهم اليومية، في بلد بات قطباً لجذب المستضعفين من المنطقة العربية والإسلامية والملاذ الأرحب صدراً في عالم ضاق ذرعاً بضحايا الاستبداد والحروب والتهجير القسري.

قد تكون "سيتيم يوك" في معاملة إقامة مما سيؤخرك أيام ويسلب منك وقتاً ويغتال معاملة قبل تمامها كنت قد شارفت على الانتهاء منها.

حينما تعيش في تركيا ستجد "سيستم يوك" متجسدة أمامك بشكل مستمر، وستجدهم يجيبونك فيها في كل مرة يريد فيها الموظف المنوط به المسؤولية أن يريح نفسه، ويتخلص من التعب الذي ستجلبه له معاملتك، ويؤجل إنجازها إلى مرة قادمة، أو ينهي أملك في إنجاز ما تريد إنجازه.

منذ أن تم تحويل المعاملات الحكومية إلى معاملات إلكترونية بدأ الفساد في النظام يظهر أكثر وبدأت بيوقراطية المعاملات المتبعة تعيق تطور نظام البوابات الإلكترونية الموجه لخدمة الأعداد المتزايدة كل يوم من الوافدين.

قد تكون "سيتيم يوك" في معاملة إقامة مما سيؤخرك أيام ويسلب منك وقتاً ويغتال معاملة قبل تمامها كنت قد شارفت على الانتهاء منها لتضطر أن تعيدها من جديد، وهذا قد يكون أمراً مهضوماً على مضض، أو قد يكون في المطار أو في مكان يتطلب منك أن تضحي بأكثر من الوقت مقابل بيوقراطية المعاملات كما حدث معي قبل أيام حين أردت المغادرة من مطار إسطنبول لأتفاجأ بموظف الجوازات يبلغني بأن علي دفع غرامة تأخير، فأبلغته أنني قد دفعتها قبل سفرتين في المطار وذكرت له التاريخ، فأوضح لي أنها غير موجودة على "السيستيم" وأن علي دفعها مرة أخرى أو أن أبرز وصل الدفع الذي مضى عليه أكثر من أربعة أشهر وغادرت خلالها المطار مرتين وعدت بدون أي مشكلة.. وبالفعل لأن النظام "العفن" لم يحتفظ بمعلومات دفعي للغرامة تأخرت قرابة الساعة في إجراءات و"مرمطة" و"حرق أعصاب" انتهت بدفعي الغرامة مرة أخرى ضريبة لغباء مزدوج من النظام والموظف!

 
ولعل الأسوأ من ذلك كله أنك لن تجد طريقة لإنهاء مشاكلك المزمنة مع "السيتيم" فبمجرد أن تخال أنك أمسكت بطرف الحبل وعرفت الإجراءات اللازمة -بالطبع هذا لن يتأتى فقط بنباهة وألمعية منك، فقد كنت قد استشرت قبل ذلك عشرات الأصدقاء الذين مروا بمواقف مشابهة وقرأت عن المطلوب عمله؛ بل وجربت بنفسك- ستجد في المرة القادمة أن الإجراء بات خارج الخدمة بسبب السيستم الذي يفوقك ذكاءاً؛ بل ويفوق ذكاء الموظف المنوط به تطبيقه؛ لذا سيعجز ويطلق عبارته الأشهر "سيستيم يوك" ويرميك في بحر الزمن تواجه أمواج التأجيل أو دفع المخالفات العاتية والعالية!!

الأنظمة والقوانين التركية لا تزال متأخرة عن دور تركيا المنوط؛ بما في ذذلك قوانين الاستثمار والعمل وغيرها.

في دائرة الهجرة والإقامة المخصصة لمعاملات الأجانب في اسطنبول والمكونة من أربعة طوابق وبناء ضخم يراجعه مئات إن لم يكن آلاف المراجعين كل يوم لا يوجد سوى شخص يتحدث العربية الركيكة وشخص آخر يتحدث الإنجليزية بينما بقية الموظفين لا يتحدثون إلا التركية، وعلى هؤلاء المترجمين أن يقدما خدمات الترجمة لكل الدائرة!
 

كنت ترددت في كثير من المواقف التي مرت بي سابقاً أن أكتب لأن تركيا لدى جمهور واسع هي فوق النقد، ومن ينتقد تركيا بحق أو بباطل في نظرهم سواء ، فهو -في منظورهم- يقدح بالتجربة التركية ذات المرجعية الإسلامية والتي تمثل أمل الكثيرين على وجه هذا الكوكب.

ما أو د قوله نهاية أن النهضة التركية التي قامت بها كتلة حرجة من المجتمع لا تزيد عن 1% من المجتمع التركي، لا يزال بقية المجتمع فيها دون المستوى الذي وصلت إليه تركيا من حضارة ومواكبة لمتغيرات العالم، علاوة على أن الأنظمة والقوانين التركية لا تزال متأخرة عن دور تركيا المنوط؛ بما في ذذلك قوانين الاستثمار والعمل وغيرها.

بل وأنني بت أشك أن هناك بند إيراد في موازنة تركيا يضاف كل عام تحت مسمى "سيستيم يوك" و"خورفة" الأجانب..
ابتسم أنت في تركيا

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.