شعار قسم مدونات

حرب عالمية ثالثة

blogs - war
عادة صباحية يومية، أتصفح الصفحات والمواقع على هاتفي، وخبر صحيفة "Daily Mail" البريطانية، أصبح يتردد كثيراً، تحت عنوان حرب عالمية ثالثة قريبة بزعم روسي، لن أتوقف على مضمون الخبر وتفاصيله.

ولكن لوهلة شردت، وبدأت أفكر، كيف بخمس دول تدعي العظمة أن تتحكم بمصيرنا، ألَم يكفنا ما عايشناه وما عايشه أجدادنا، حروب وأزمات اقتصادية ومعيشية عصفت بحالنا من سيء إلى أسوأ، ألَم تتعظ هذه الدول من حربين عالميتين قتلت وشردت الملايين من البشر، وماذا عن الحروب المشتتة في أصقاع العالم هنا وهناك، والتي ما زالت تحصد أرواح آلاف البشر، مجزرة القاطرجي لم تكن آخرها. ثم تساءلت، أين أذهب بعائلتي في الحرب، أين سنحتمي، هل سيكون هناك من ملجأ نلجأ إليه، هل لتلك الدول حرمات وخطوط حمراء لا تتجاوزها، أم أن الجبهة ستكون مفتوحة؟ اليأس استحوذني وشعرت أن الخيار الأخير هو الراجح.

ستولد مصطلحات جديدة، فأداة القتل المستخدمة اليوم أصبحت أفظع وأقوى، أي أنها ستحصد أرواح الملايين بسهولة

كشاب من مواليد التسعينيات لم أخض تجربة الحروب بعد، فمع أنني من بيروت المقاومة، وفي أحيائها وضواحيها الشعبية عشت، أزماتها وانقساماتها، رشقات رصاص، احتقان طائفي، مظاهرات ومسيرات شاركنا فيها، ولكنها لا ترقى لمستوى حرب كبرى. فإسرائيل تلك انسحبت من جنوب لبنان عام 2000، ثم تبعها انسحاب الجيش السوري عام 2005، فلم أكن واعياً لمجريات الأمور في ذلك الوقت. استذكرت الأفلام الكرتونية اليابانية، والتي كنت قد شاهدتها في صغري على شاشة "Space Toon"، ومدى حجم الألم الذي اختزنته، مطر من نار ومسرح الحياة، أذكر أنني بكيت لدى مشاهدتهم، زرعت هذه الأفلام في نفسي كرهاً للحرب وحباً لحياة يعيشها الأطفال ككل أطفال العالم، سلام دائم، تقبل للآخر وعيش مشترك، فما المانع من تحقيق ذلك.

قنبلتان نوويتان دمرت هيروشيما وناجازاكي، وأودت بحياة الملايين، فكيف بآلاف القنابل النووية المنتشرة والمتناثرة في أصقاع العالم اليوم. المضحك المبكي في ذلك، أن ديكتاتوريات العالم هي من تحكمنا، فبين بوتين وقنبلة القيصر كبسة زر تطلق أكثر من 55 ألف رأس نووي، وبين هيلاري وترامب سياسة دموية أمريكية عصفت بالعالم العربي إلى الهاوية، وليس ببعيد ماي البريطانية والتي قالتها بصريح العبارة "لا أمانع من شن ضربة نووية تقتل الأبرياء". وفي عالمنا العربي، مجرمون قتلة يحكموننا، فبين بشار والسيسي تنافس على من يقتل أكثر والحبل جرار للأسف.

إذن حرب نووية على الأبواب، فماذا عن بيروت عاصمتي، كيف ستتحمل كل هذا، ألا يكفها ما عانته من جراء الفساد المستشري بها، وانقساماتها الطائفية والسياسية. هل ستقصف بيروت كما قصفت في الحرب العالمية، هل ستحاصر، هل ستعود المجاعة والأوبئة تنتشر فيها، هذه هي العبارات والمصطلحات التي أذكر أنني حفظتها من كتب التاريخ عن ظهر غيب.

أما اليوم، فمن سيكتب التاريخ، تاريخ دموي جديد، حرب عالمية ثالثة، دول الحلفاء في مواجهة دول المحور. من سيكون هتلر ومن سيجسد ستالين، من سيرتكب أفظع المجازر، وأين ستقع المحرقة. ربما مصطلحات جديدة ستولد، فأداة القتل المستخدمة اليوم أصبحت أفظع وأقوى، أي أنها ستحصد أرواح الملايين بسهولة. والإجابة، طباعنا نحن بنو البشر قد تغيرت، والصمت لم يعد يجدِ.

نحن سنكتب التاريخ، سنبدأ من اليوم بكتابة تاريخنا وتاريخكم، سنقول الحقيقة ولن نقف لا مع هذا ولا ذاك، فنحن من أردنا السلام وأنتم سعيتم نحو الدمار، أنتم المجرمون ونحن الأحرار، نعم لن نخاف منكم بعد اليوم. فالحرب قد وضعت أوزارها، والكل بات على استعداد، كبسة زر وينتهي العالم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.