شعار قسم مدونات

لماذا الموصل وإلى أين ؟!

معركة الموصل

يتابع الكثير من الناس وخاصة في الوطن العربي معركة الموصل باعتبارها معركة حاسمة لتنظيم الدولة بل و يتتبعون الحدث تلو الحدث، ولكن أي تنظيم هذا ؟!  ظهر بسرعة الصوت وانحسر بسرعة الضوء إن صح التعبير.

على كل حال فهذا ليس موضوعي وإنما ما يهمني هو معركة الموصل ، ربما يتفاءل الكثير بها ولكن في رأيي ليس هناك أي داع للتفاؤل بل هناك دواع كثيرة للتشاؤم ، فالكثير الكثير من الموازنات الإقليمية والمصالح الدولية لم تفتأ تتكشف الواحدة تلو الأخرى والحبل على الجرار.

يمكننا أن نصل إلى كثير منها إذا تساءلنا لماذا كان ولا زال هناك إصرار تركي على المشاركة ؟  وما الذي دفع تركيا أو بالأحرى ضغط عليها لعدم المشاركة ؟ ما الذي يبحث عنه الأكراد من أنفال هذه المعركة ؟ ولماذا هذا التدخل من الشيعي في منطقة تعد من أبرز المناطق السنية في العراق؟

تركيا ترفض قطعيا فكرة إقامة دولة كردية وبالتأكيد تبحث عن أمنها الحدودي مع العراق سواء من الأكراد أو حتى من من تسميهم الإرهابيين

إن من ينظر في وسائل الإعلام يرى وكأن هناك معركة مقدسة ولكن في الحقيقة ما تخفيه وراء ستارها مثل هذه المعارك يكون أدهى وأمر مما نتوقع ، ربما لن تكون الإجابة للأسئلة المذكورة آنفا واردة هنا، ولكن ما يجب أن نعرفه أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدخل بهذا الشكل في هذه المعركة إلا لأنها تبحث عن مصالحها فهي تريد أن تدعم توسع الأكراد -الذين يعدون ظاهريا على الأقل حلفاء لها وما وراء الكواليس أكثر من ذلك ربما – في هذه المنطقة على حساب السكان الأصليين.

نعم هناك مشروع كبير محوره العراق وسوريا للتغيير الديموغرافي وتمكين السيطرة الإيرانية عليها وعلى كل مفاصلها لمحاربة أهل السنة ، وكذلك فإن إيران يسيل لعابها على هذه المنطقة التي تريد أن تخل بها ديموغرافيا خدمة لهيمنتها الظاهرة على العراق وأهله لتصبح الآمر والناهي هناك وهي فعليا كذلك .

أما بالنسبة لتركيا فالحديث يطول ويطول، ولكن أبرز ما يمكن قوله أنها كانت تريد أن تضمن عدم التوسع الكردي بدرجة عالية يهدد أمنها الحدودي ، فدولة كتركيا ترفض قطعيا فكرة إقامة دولة كردية  وبالتأكيد تبحث عن أمنها الحدودي مع العراق سواء من الأكراد أو حتى من من تسميهم الإرهابيين خاصة مع أهمية المنطقة الجيوسياسي.

و الأرجح أن ما ثناها عن التدخل هناك هو إما التهديد الغربي الأمريكي لكي يتحقق مشروعهم كما يريدون أو حتى ربما ضمانات قدمتها تلك الأطراف لتركيا كي تثبط عزمها حتى يتم فرض الأمر الواقع وهذا السبب أوجه ، ولكن أليس من الجدير القول بأن من سمح لتركيا بالتدخل في سوريا من الطبيعي أن يسمح لها بالتدخل في العراق ؟!

والإجابة هي: لا فبالتأكيد الأمر في سوريا ليس كما العراق وفي الأساس التواجد الكردي الرئيس ليس في سوريا ولا تمثل محور هام جدا لدولة كردستان ، كما أن الأوضاع الراهنة في سوريا من فوضى عارمة ليس كما هو الحال في العراق الذي يبقى إلى حد ما حتى لو كان هناك متحكم خارجي دولة لها حكومة شرعية ظاهرة تقوم بإدارة البلاد ، و قد سمح لتركيا بالتدخل في سوريا إرضاء لها بعد التقارب مع روسيا وإيران ربما وليس بكل الأحوال على حساب مصالحهما أو أية مصالح غربية في سوريا.

وعلى كل حال فإننا لم نكتشف حتى الآن حقيقة تنظيم الدولة والخلافة التي غررت بالبعض فمن الأمور التي لا تزال واردة أن يكون هذا التنظيم كله لعبة مدبرة بكل خباثة و حقد خدمة لمشروع "الفوضى الخلاقة" والمشاريع الأمريكية التي لم نتحسب لها ، فمن دفع الملايين لإنشاء أفلام كاذبة عن القاعدة لن يعجزه أن يدفع المليارات لإقامة هذه الأفلام على الأرض بصورة مختلفة قليلا .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.