شعار قسم مدونات

الإسلام.. ما هو؟

blogs - muslim women
في خضمّ الصراعات الداخلية والخارجية التي يعرفها العالم الإسلامي اليوم، وفي ظل أصابع الاتهام التي تلطّخ نصاع لواء الإسلام بدماء الأبرياء، يقفز الكثيرون من سفينة الدِّين المقدّس، مُفضِّلين حضن الطوفان على تحمّل عبء الهوية الإسلامية. اختلطت المفاهيم والأفكار على الكثيرين، فصاروا لا يفرّقون بين "الجهاد الإسلامي" و"الإرهاب الذي لا دين ولا وطن له". فمتى سمعنا عن صحابي كان ينتشي بسفك دماء الأبرياء؟

هؤلاء الشباب مزّقتهم الادّعاءات الغربية وحرَّفت أفكارهم وتلاعبت بمعتقداتهم الدينية الجوهرية، فحين أُلبِس الإرهابُ عباءةً، وارتدى لحيةً، وتعلّم كلمتين بالعربية، صار الدين الإسلامي بالنسبة للعالمِ مرادفًا للجريمة، وانطلق العديد يتبرّأون من الدين ككُلّ، وآخرون عالقون بين ما يروِّج له الغرب، وبين ما يردّده الأئمة على المنابر، وبين غوغاء منتهزِي الفرص.. ووسط كلّ هذا الضباب، ما هو الإسلام؟

الإسلام دين الأخلاق في السلم والحرب، يحترم الطبيعة الإنسانية ويصقل النفس البشرية، ويدعو إلى الرحمة والسعادة والجمال. هذا هو الإسلام، فأين الإرهاب في كل هذا؟

الإسلام هوالسلام الذي نحَيِّي به أهالينا وكلّ من صادفنا، هو المال الذي تخرجه بطيبة خاطر، بعد أن بذلت في سبيل كسبه عرق الجبين وسهر الليالي، لتهديه زكاةً تضيء بها يوم محتاج، وتفرّج بها كربة مُدان، وتسعِد بها قلب طفل فقير. الإسلام هو أن تنهض صباح أول أيام رمضان وأنت تعلم أنّ أكثر من مليار مسلم صائمون عن المعاصي لوجه الله طيلة شهر كامل، فيُنير وجه العالم بين عينيك ويزداد جمالا وأملا. الإسلام هو حين تتعرض للأذى وتكظم غيظ قلبك وتردد "إني صائم" وتعفو.. الإسلام هو حين يتعالى صوت أذان المغرب فترى الناس يهبون إلى المساجد للإفطار والصلاة توحدهم "لا إله إلا الله"، وحين يتسابق الأطفال إلى بيوتهم أين ينتظرهم أهاليهم باستقبال يليق بالأبطال، بعد أن أبوا إلا أن يمتنعوا عن الطعام كما يفعل الكبار، وتجدهم يزاحمون على سجادات الصلاة وعلى مائدة الإفطار وعلى الصفوف الأولى في صلاة التراويح..

الإسلام هو الفرحة التي تلقي نورها في قلوب المسلمين وعلى زينة الشوارع مع تكبيرات صلاة العيد، الإسلام هو التهاني، هو تبادل الزيارات الدافئة بين الأحبة، هو الجو الاحتفالي اللذيذ الذي يسود العالم الإسلامي وينثر عليه بريق الخير والمحبة.. الإسلام في أقدس تجلياته هو اجتماع المسلمين من أقطار الأرض حول بيت الله، إخوانا. الإسلام هوالرحمة التي جاء بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو مكارم الأخلاق التي دعا إليها، هو انحاء الابن لتقبيل يدي أبويه لأن رضاهما من رضى الله، هو حسن معاشرة الأهل، وإكرام الضيف، والإحسان إلى الجار.. هو"بسمتك في وجه أخيك صدقة"، و"المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"، و"ما كان الرفق في شيء إلا زانه"، و"خيركم خيركم لأهله"، و"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".

الإسلام دين الأخلاق في السلم والحرب، يحترم الطبيعة الإنسانية ويصقل النفس البشرية، ويهدف لحماية نورها وحفظ سكينتها، ويدعو إلى الرحمة والسعادة والجمال والتفاؤل والأمل. هذا هو الإسلام، فأين "الإرهاب" في كل هذا؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.