بعيدا عن كونها حركة دينية مجددة ظهرت قبل ثلاثة قرون، والوهابية لمن لايعرف حقيقتها، رغم تحفظي على مسماها، هي حركة تصحيحية، أطلقها عرابها الشيخ محمد بن عبدالوهاب في عام 1158 هجريا، بعد تحالفه مع مؤسس الدولة السعودية الأولى، محمد بن سعود، في بلدة الدرعية غرب العاصمة الرياض؛ لمحاربة الشركيات والخزعبلات التي انتشرت أنذاك في جزيرة العرب. وقد نجحت في ذلك.
أعداء السلفية كمنهج صحيح، والسعودية كنظام سياسي، جعلوا الوهابية حجة للنيل منهما جميعاً، وفي وقت واحد. |
أما مؤسسها محمد بن عبد الوهاب كما وصفه وزير الشؤون الإسلامية السعودي الحالي محمد بن صالح أل الشيخ، في بحث رصين نشره قبل سنوات، تناول فيه حركته المجددة، يقول في الإيمان ما قاله السلف، أنه قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا، لم يخرج عن طريقتهم البتة، وليس له في ذلك مذهب خاص ولا طريقة خاصة، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان رضي الله عن الجميع. وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها، ودعا إلى ذلك، ثم جاهد عليه من أباه وعانده وقاتلهم حتى ظهر دين الله وانتصر الحق. وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله، وإنكار الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق، ويلزمونهم به وينهونهم عن الباطل وينكرونه عليهم، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه.
كذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته، ولقيت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العديد من الإشادات من علماء الأمة، ومفكريها ومؤرخيها، من أمثال الشيخ محمد عبده، والزركلي، وطه حسين، وعباس العقاد، والجبرتي، وكذلك من بعض المستشرقين أمثال لوثروب ستودارد في كتابه حاضر العالم الإسلامي، والمستشرق بروكلمان.
فالوهابي تعني سلفي، والسلفي يتبع دين الله الصحيح، الذي يحرم قتل النفس وإزهاق الأرواح البريئة، ويعد من يفعل ذلك بالعذاب الشديد في الآخرة، لكن أعداء السلفية كمنهج صحيح، والسعودية كنظام سياسي، جعلوها حجة للنيل منهما جميعا وفي وقت واحد، وركب البعض معهم في نفس القارب، جهلا بالوهابية الحركة الدينية المجددة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.