الجديد في خطاب وائل حلاق أنه أصبح يصنع أجندة النقاش في العالم العربي والإسلامي. وقد استدرجنا للدخول في نقاش حول الدولة يوصل إلى جوابين لا ثالث لهما، إما تقويض الدولة الحديثة وإما التعايش معها.

كاتب وباحث مغربي
الجديد في خطاب وائل حلاق أنه أصبح يصنع أجندة النقاش في العالم العربي والإسلامي. وقد استدرجنا للدخول في نقاش حول الدولة يوصل إلى جوابين لا ثالث لهما، إما تقويض الدولة الحديثة وإما التعايش معها.
تصطبغ دعوة حلاق المسلمين إلى الخروج على الدولة الحديثة بصبغة “البلاغة الطهرانية الكالفينية”. والخطورة أنها تساهم في بلورة طهرانية إسلامية تقوم على أساس الاعتقاد في وجود ظاهرة نموذجية مقدسة.
عند التأمل تبدو لنا الشريعة، في أبهى صورها، وسيلة للتوفيق بين المطلق والمغلق، وليس كما نفهم من كتاب وائل حلاق، مطلقا دينيا يعلو على التاريخ الإنساني.
في الماضي، كان عقل الإنسان يتعامل مع كم محدود من المعلومات ليشكّل معرفته ويكونها. ولكن في زمننا الحالي، أصبح العقل يواجه جريانًا مستمرًا من المعلومات، تُقدمها التكنولوجيا على مقربة من أيدينا.
يعد تجسس لورنس على العرب أهون بكثير من صورته التي استقرت في المخيال الغربي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، تلك الصورة التي نصبته ممثلا للقومية العربية، واختزلت طموحات شعوب المنطقة فيما ينطق به.
لورنس وظف المعطيات الجغرافية التي تأتّى له جمعها خلال مغامراته في الجزيرة العربية توظيفا أدبيا فنيا راقيا، لكن المنطق المتحكم كان يهدف إلى تعبيد الطريق لتدخل المؤسسة العسكرية في الفضاء الموصوف.
حاول لورنس العرب أن يوهم ذاته والقارئ الغربي بأنه قام بدور محوري، البطل الذي يتوقف عليه مستقبل أمة، غير أن القرائن تشير إلى أنه لم يكن إلا أداة صغيرة في يد قوة عظمى كانت تخطط لمستقبل الشرق الأوسط.
علمتُ ذات يوم، في إحدى المناقشات عن العلاقة بين الإسلام وفرنسا، أن “فانسون منصور مونتي” مترجم مقدمة ابن خلدون إلى الفرنسية، يعيش مختبئا في عِلية داخل عمارة في باريس، لا يخرج منها خشية أن يُغتال.
بينما أنا أستمرئ الجولان في خرائط الغرب الفكرية من داخل “شعرية القرن العشرين”، كان العالم من حولي يعج بأحداث وقضايا تستدعي الالتفات إلى الواقع السياسي، أحداث وقضايا تُحَرِّكك وإن كنت حجراً.
كان ابن خلدون على علم بأن المفاضلة بين الشعراء كانت تتم على أساس التمييز بين من يقول الشعر على السليقة، أي من كان شعره مرتبطا بأساليب العرب الأولى، وبين من يقول الشعر تصنعا، ويغلب عليه طابع التفلسف.