العلم والفن يقفان على طريق تصادم قطعي، فالعلم يستنتج أن تطور تدريجيًا من حيوان إلى إنسان. أما الفن، فإنه يرينا الإنسان في صورة مثيرة قادمًا من عالم مجهول.

العلم والفن يقفان على طريق تصادم قطعي، فالعلم يستنتج أن تطور تدريجيًا من حيوان إلى إنسان. أما الفن، فإنه يرينا الإنسان في صورة مثيرة قادمًا من عالم مجهول.
حاول علي عزت بيجوفيتش أن يعود بهذه القضية إلى بداية ظهور الإنسان، أو بداية تشكل النظرة إليه، تلك النظرة التي شهدت انقسامًا وصفه بثنائية الأداة والعبادة.
بعد أن أكد بيجوفيتش على حرية الاختيار سمة إنسانية أساسية، ننتقل لقضية جوهرية بفكر المجاهد علي عزت وهي قضية الأخلاق، حيث يفرق بين الموقف المادي من الأخلاق والموقف الإنساني التراحمي.
يبرز مالك بن نبي بنظريته أن الإنسان اجتماعي بطبعه، ونتيجةً لهذه الميزة الاجتماعية التي ترضي وتلبي حاجياته الفطرية فهو بحاجة دائمةٍ ماسةٍ إلى تحقيق آليات الانصهار الاجتماعي مع بني جنسه.
مالك بن نبي يرى أن الثقافة فلسفة وقيم خلقية فردية واجتماعية تؤثر بتكوين وتنشئة الفرد منذ الطفولة، بحيث تصبح نمطاً لصيقاً بحياته، ووشماً مميزاً لسلوكه، يصنع بها كل دقائق حياته.
علي عزت بيجوڤيتش يبين على أن الحرية سمة إنسانية يقوّض من خلالها نظرية التطور البيولوجي المادي، وهي مقدرة الإنسان على الاختيار، أي قضية الحرية.
أمضى مالك أكثر من ثلاثين عاماً متأمّلاً يحلّل ويضع شروط النهضة للمجتمع الإسلامي، رغم التعتيم والتهميش الذي مورس ضده، إلا أن فكره بقي حيّا يُقرأ وأفكاره مازالت تنبض بالحيوية والفعالية.
إننا أمام حكاية حقيقة تروي سيرة مفكرٍ ومجاهدٍ وفيلسوفٍ وأديبٍ جزائري اكتوى بجمرة الفكر وبلهيب العلم، غيرته الإسلامية وشهامته العربية الأصيلة، دفعته إلى التعمق والتفكر في أسئلة علمية وجودية.
إذا صح منهج عباس محمود العقّاد في دراسته للعبقريات من أن لكل شخصية عبقرية مفتاح ندخل به إليها، فإننا نقترح لعلي عزت بيجوفيتش عشقه الدائم للحرية وتقديسه المفرط للمسؤولية والديمقراطية.